للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الطابع، فكما "تحرر العلم بعامة من وصاية المذهب المادي، كذلك تجاوز الطب النفسي أفكار فرويد في التحليل النفسي وأولها استبعاد دور الدين في العلاج من الأمراض النفسية، وتمثل أول تمرد من زميله كارل يونج في عبارته: أن كل المرضى الذين استشاروني خلال الثلاثين سنة الماضية من كل أنحاء العالم كان سبب مرضهم نقص إيمانهم وتزعزع عقائدهم ولم ينالوا الشفاء إلا بعد أن استعادوا إيمانهم، وفي عبارة أخرى يقول: من بين مرضاي بعد منتصف العمر -فوق سن الأربعين- لم يحل بواحد منهم المرض، إلا لأنه افتقد ما تمنحه الأديان لمعتنقيها، ولم يستعد واحد منهم الصحة إلا باستعادته الإيمان الديني" (١).

[بعض مشكلات الطرح التغريبي حول المجال الطبي والتداوي]

[أين هي المشكلات في هذا الباب؟]

١ - تأتي أولًا من رفض اشتغال الطب ضمن المجال الإِسلامي، بحجة أن العلم لا دين له، فقد ينجح في الطب المؤمن والكافر، وهؤلاء لا يفرقون بين ما يهدي الله له البشر من الاكتشافات والنجاحات وبين كيفية تبيئتها في المجال الإِسلامي، وذلك أن الإِسلام عندما جاء، فإنما جاء ليؤسس لحياة جديدة تهتدي في جميع شؤونها بهدي الإِسلام، ومن ذلك أهمية الحركة ضمن مجال التصور الإِسلامي للإنسان وبدنه وروحه وصحته وعلاقته بمن حوله وعلاقته بخالقه، والحركة ضمن التشريع الإِسلامي للحلال والحرام والقيم والأخلاقيات، وبهذا يكون مجال الطب أنفع للمسلم، والعالم بدأ يدرك أهمية الدين لرعاية هذا المجال، فقد أصاب الغرور مسيرة العلم الحديث مما جعله ينغمس في ماديته، ومن ثم اختزال الإنسان في هذا الجانب، فظهرت تعقيدات لم تفلح فيها الرؤى المادية والعلمانية في علاجها "وإذا كانت القيم الدينية والخلقية قد استدعيت على عجل بعد أن استفحل مرض كـ"الإيدز"، فإنها قد استغيث بها لتنقذ ضحايانا من "الهيروين" والمخدرات بعد أن تبينت آثارها النفسية المدمرة حتى في أكثر الدول تبنيًا للعلمانية. . . . وحينما يكون العجز عن حل المعادلة الصعبة بين كفالة حرية


(١) المرجع السابق ص ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>