للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: تغير العالم ببعثة الرسول محمَّد - صلى الله عليه وسلم -

كان العالم بأجمعه قبل بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعيش في ظلام دامس، يمرّ بأزمات عميقة، أحدّها وأشدّها الانحراف الديني الذي غطى وجه الأرض باستثناء بقايا قليلة من الحنفاء، ويتفرع عنه مجموعة من صور الانحرافات تطبع أغلب مجالات الحياة (١)، وقد كان العرب جزءًا من هذا العالم المأزوم.

كانت أمَّتَا الروم وفارس أقوى الأمم آنذاك، على أن فارس تربط العرب بشرق الأرض والروم بغربها، وكانت الروم في عصرها الهيليني بروحه الثقافية المعروفة، وارثةً آنذاك فلسفات اليونان وعلومهم، وخلطتها بالدين الجديد الذي اعتنقته بعد أن تحرّف على أيدي أتباعه وهو النصرانية (٢). أما فارس فهي ذات دين وثني تختلف صوره وأشكاله، وهي محيطة بعلوم الشرق أو على علاقة بها كفلسفات الهند والصين وعلومها. فالأديان القائمة إما كتابية محرفة -اليهودية والنصرانية- أو وثنيات كثيرة ذات جوهر واحد (٣)، أما العلوم والمعارف والفلسفات والآداب والفنون والصناعات فقد كانت موجودة في هاتين


(١) من بين الكتب المميزة التي وقفت مع هذه الفكرة كتاب: (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) لأبي الحسن الندوي، انظر: الباب الأول منه: العصر الجاهلي.
(٢) انظر حول فكر هذه المرحلة عند الروم: مقدمة في علم الاستغراب، د. حسن حنفي ص ١١١ وما بعدها.
(٣) انظر: الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركفوري ص ٢٧ - ٣٣، وانظر حول حال الأمم قبل بعثة نبينا - صلى الله عليه وسلم -: الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لابن قيم الجوزية ١/ ١٤٧ - ١٥٠، تحقيق الدكتور علي محمَّد الدخيل الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>