لقد تعرفنا على مفهوم العلم ومفهوم النظرية العلمية، وعلى الوضع الجديد للعلم في الحضارة الغربية بعد أن تسلّمته من الحضارة الإِسلامية، ولاسيّما في إظهار نوع واحد من العلم على أنه الجدير بالتسمية العلمية وأما ما سواه فلا يكون علمًا، وهو مشكلة خطيرة نجح الغرب الحديث في تجذيرها في مفهوم العلم، ويعود السبب إلى الرؤية العلمانية التي طغت على الحياة الغربية وأخذ بها أغلب علمائهم ومفكريهم، وترسخت مع السنين، وأصبحت جسمًا ضخمًا يؤثر على المنضمين الجدد إلى ميدان العلم والفكر.
ومن أخطر المشكلات الفكرية الحديثة ما وقع من انحراف تيارات فكرية علمانية بالعلم، فقد نشأ العلم الحديث قريبًا منها، فقامت هذه التيارات باستغلاله ومحاولة توجيه نظرياته والتأثير في مسيرته بما يخدم رؤيتها العلمانية. وإذا كانت هذه التيارات لا تجد في حقائقه البيّنة فرصة تستغلها فإنها قد وجدت في فرضياته ونظرياته وفلسفته تلك الفرصة، فظهرت تيارات فكرية مادية وإلحادية وظّفت العلم في مصلحتها وبما يحقق رسالتها. والخطير في الأمر أنها أصبحت نموذجًا يُحتذى، ولاسيّما بعد أن أصبح الغرب قبلة طالبي التقدم الدنيوي، فجاء الناس إليهم من كل مكان، فاستقبلتهم تلك التيارات الفكرية وأثّرت فيهم أيّما تأثير، وعادوا إلى بلادهم محملين بالرؤية العلمانية الجديدة، ومن هؤلاء أصحاب الفكر التغريبي العربي.
° تعريف التغريب:
التغريب مصطلح حديث للدلالة على تيارات فكرية حديثة، وللدلالة على