للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ب- خير الدين التونسي]

وكما عرفت التجربة المصرية مجموعة من المفكرين والمنظرين للعلاقة بالغرب ودعوتهم للحصول على ما عنده من معارف وعلوم ونظم من أمثال: العطار والطهطاوي وغيرهما؛ فقد عرفت تونس أمثال هؤلاء وكان أشهرهم خير الدين التونسي المعاصر للطهطاوي الذي قام بأدوار مهمة في التجربة التونسية، وبعدها الدكتور فهمي جدعان (١) "أكثر نضجًا" من تجربة الطهطاوي وأقرب إلى المحيط العربي الإِسلامي.

التحق خير الدين التونسي بالمدرسة الحربية بـ "باردو" سنة (١٨٤٠ م) (٢)؛ أي: بالمدرسة التي يطلع فيها الطلاب على العلوم العصرية ويختلطون فيها بالأجانب، وقد تولى في حياته الكثير من المناصب وانشغل في كثير من أعماله بكيفية إحراز التقدم والقوة بالصورة التي أحرزتها أوروبا (٣)، وقد سبق أن من بين أعماله مدرسة الصادقية.

استقال من منصبه سنة (١٨٦٤ م) إثر وشايات حوله، زار بعدها عددًا من الدول الأوروبية، وألف بعدها كتابه المشهور: "أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك" (٤)، وقدمه بمقدمة شهيرة يرى البعض بأنها أهم ما فيه (٥)، وكان كتابه سنة (١٨٦٧ م)؛ أي: بعد ثلاث وثلاثين سنة من كتاب الطهطاوي: "تخليص الإبريز" (٦)، إلا أن كتاب الطهطاوي جاء في بداية تجربته ومرحلة الشباب، أما كتاب خير الدين فجاء بعد تجربة طويلة، وإن كانت عناصر الكتابين متقاربة في الأفكار. من بين ما عرضه في كتابه:

- مطلب ذَكَر فيه من اشتهر من الأوروبيين بالمعارف والاختراعات، وفيه


(١) انظر كتابه: أسس التقدم عند مفكري الإِسلام ص ١٢٣.
(٢) انظر: أعلام تونسيون، الصادق الزمرلي ص ٩٨ - ٩٩.
(٣) انظر: أسس التقدم. . . . ص ١٢٣ ص ١٢٩ وما بعدها.
(٤) انظر: أعلام تونسيون ص ٩٩ - ١٠٠.
(٥) انظر: خير الدين التونسي وكتابه أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك تحقيق ودراسة، د. معن زيادة، ص ٣٠ - ٣٢.
(٦) كانت طبعته الأولى سنة (١٢٥٠ هـ -١٨٣٤ م)، انظر حول كتاب رفاعة: مقدمة المحققين لكتابه ص ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>