[الفصل الرابع أسباب دخول الانحرافات المصاحبة لحركة العلم الحديث إلى البلاد الإسلامية]
سبق التفريق في الفصل الثاني بين أسباب تقدم العلوم وأسباب الانحراف بها، وأنهما يرتبطان عادة بالتطورات الثقافية في الحضارات البشرية، فهناك أسباب تحقق أهدافًا سامية وهناك أخرى تهوي في دركات مظلمة لوجود أهواء مذمومة علِقت بأهلها، ومع ذلك فإنه في هذا المبحث قد تختلف الحال بين الانحراف في البيئة الغربية عنه في البيئة الإسلامية، ومن بين أبرز الاختلافات أنهم في الغرب صنعوا تلك الانحرافات، بينما قلّدها بعض المسلمين في الشرق، فهناك إنتاج وهنا تقليد، مع ما يصاحب ذلك من عُقد يصعب حلّها مع المقلد، فإن المُنتِج يعرف حدود مُنتَجه، ويسهل عليه تغييره وتصحيحه, بخلاف المقلد الذي يُقفل عقله عن النقد لشعوره بالعجز والضعف أمام من قلدهم والانبهار بهم (١). وقطعًا هناك مجموعة كبيرة من المبتعثين لتعلم تلك العلوم
(١) لقد ساد التقليد حتى في طوائف من المنتسبين للشريعة وأوجبوه، ومع ذلك فقد نهى عنه المحققون من العلماء، وفرقوا بينه وبين الاتباع، وبينوا خطورة التقليد وآثاره، فكيف إذا =