أن المؤسسات الإسلامية لم تكن في حجم التحدي، فأخرجت مواقف دفاعية أو تبنت سياسة الهروب من المشكلة دون مواجهتها، فجاء اللاحق وأتمّ المشوار، فاتسع الخرق على الراقع.
[نموذج الأزهر]
عُرفت المؤسسات العلمية داخل المساجد الكبيرة أو بجوارها، مثل الحرمين:"مكة والمدينة" أو الجامع الأموي بدمشق أو جامع القرويين بالمغرب أو جامع الزيتونة بتونس أو جامع محمد الفاتح في مركز الدولة العثمانية في إستانبول، وغيرها.
ويبقى من أشهرها وأهمها في العصور الأخيرة جامع الأزهر بمصر؛ والذي كان من أهم مؤسسات التعليم الإسلامية، حافظ علوم المسلمين ووجهة طالبي العلم من كل مكان. والطريف في هذا البحث أن مشروع طلب العلوم العصرية انطلقت من أرض الأزهر، مما يجعله نموذجًا ممتازًا للدارسة والبحث والتحليل، فضلًا عن كونه مركزًا عربيًا إسلاميًا عاصر المشكلة بخلاف التجارب الأخرى الإسلامية، فقد كانت غير عربية، مثل مركز السلطنة العثمانية أو تجربة المسلمين في الهند أو التجربة الفارسية في إيران.
والغرض من بحث هذه الفقرة التأمل في المشكلات المرتبطة بالعلوم العصرية: كيف ولدت؟ وكيف ظهرت المعالجات في مؤسساتنا الإسلامية؟ وما جوانب القوة والضعف فيها؟ حتى نستفيد منها لمستقبل أمرنا، وهي وقفة عسيرة على النفس؛ لأنها وقفة مع مؤسسة عزيزة على النفس، ومع ذلك فهو أمر مهم.
برغم الضعف الذي أصاب مؤسسات المسلمين العلمية، بما في ذلك أشهرها "الأزهر"، وعدم قدرته على قيادة الأمة وتقديم الحلول، إلا أن ذلك لا ينسينا الحسنات الكثيرة لهذا المعلم البارز، ولعل من أهمها لمن يقرأ في تاريخه ما يأتي:
- أنه من بين أهم المؤسسات العلمية التي نجحت في الحفاظ على وجودها رغم كل الأحداث التي عصفت بالمسلمين.
- أنه من أعظم الحصون التي حفظت لنا علوم الشريعة، من تفسير وحديث بعلومهما العظيمة، ومن فقه وعلومه، واللغة العربية وعلومها، وغيرها من العلوم