دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)} [الكافرون: ٦]، وقال -تعالى-: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٤١)} [يونس: ٤١] وقال: {لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ}[القصص: ٥٥]. قال سيد قطب حول آية الكافرون:"إن التوحيد منهج، والشرك منهج آخر .. ولا يلتقيان .. التوحيد منهج يتجه بالإنسان مع الوجود كله إلى الله وحده لا شريك له. ويحدد الجهة التي يتلقى منها الإنسان عقيدته وشريعته، وقيمه وموازينه، وآدابه وأخلاقه، وتصوراته كلها عن الحياة وعن الوجود. هذه الجهة التي يتلقى المؤمن عنها هي الله، الله وحده بلا شريك، ومن ثم تقوم الحياة كلها على هذا الأساس، غير متلبسة بالشرك في أية صورة من صوره الظاهرة والخفية. ."(١). وفي الجملة؛ فلا علاقة للدين وشرائعه السماوية بالدين الذي يدرسونه إن كانت عمدته هي تلك العينات، وكانت منهجيتهم تصر على تحويل الدين وشرائعه إلى ظاهرة إنسانية لتعممها على كل دين، بل حتى لو قال أحدهم: إنه سيدرس تطور الدين من جهة تطور شرائعه ثم لم يرجع للوحي لكانت دراسته ضربًا من الأوهام؛ لأن مصدر الحقيقة في هذا الباب مقتصر على الوحي بعد أن تحرفت أديان أهل الكتاب وما وقع لنصوصهم وشرائعهم من تحولات وانحرافات ضاعت معها الحقيقة أو أصبحت ملتبسة بحاجةٍ لمصدر آخر يبينها، وهو الإِسلام لا غير.
الأصل الثالث: علمية وعلمنة العلوم الاجتماعية ودعوى قدرتها أن تسدّ مسدّ الدين:
تأتي العلمية كمشكلة أخرى في هذا السياق؛ فبعد أن اختزلت العلمية في قوالب معينة، وكان هناك دعوى لعلمية "الظاهرة الاجتماعية والجوانب العملية من حياة الإنسان" في العلوم الاجتماعية وإدخالهم ما تختص به الشريعة ضمن هذا المفهوم؛ جاء الاختزال مع رغبة العلوم الاجتماعية في التشبه بالعلوم الطبيعية، ودعواها التزام الموضوعية، ومن ذلك التزامها في البحث عما هو واقع وليس عما ينبغي، فالعلم لا يهتم بما ينبغي، فهو مجال كان الدين يهتم به بطريقة غير علمية، وقد ذهب زمانه بذهاب الدين وضعف مكانته مع التقدم العلمي كما يزعمون، أما العلم فيهتم بما هو واقع فقط بعيدًا عن أي نظر للحلال والحرام أو