للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكان الدين، وكانت الحملة الفرنسية مفتاح دخولهم إلى أهم بلاد المسلمين آنذاك وهي مصر، وقد دخل بقية الماسون وأتباع سيمون بقوة في إدارة الدولة الجديدة دولة محمَّد علي باشا فيما بعد، وكذا مع أحفاده من بعده وتوجيه بعض من يستطيعون من نخبها، فضلًا عن استثمارهم للأقليات الدينية الموجودة، فهذه التطورات المختلفة انحرفت بمقترحات الشيخين فيما بعد، وأفسدت المسار الصحيح للأمة.

٢ - ولاية محمَّد علي باشا، ثم أولاده من بعده:

فشل الشاب العسكري الأول في جزء كبير من مهمته، وهو نابليون، إذ لقي مقاومة جهادية داخلية رغم كثرة ادعاءاته عن إسلامه وحرصه على ادعاء رفع الظلم عن المسلمين ورفع الجهل عنهم، وفي الوقت نفسه فإن الأوضاع في فرنسا لم تستقر بعد الثورة ولا في أوروبا عمومًا؛ مما أضعف رغبتهم في البقاء في مصر، فانهزموا من مصر سنة (١٨٠١ م)؛ أي: بداية القرن التاسع عشر، وبقيت الأوضاع في مصر مضطربة إلى أن جاء الشاب العسكري الثاني قائد فرقة ألبانية شاركت في محاربة الفرنسيين وبقيت ترابط هناك. تضافرت مجموعة أحداث، منها ما يرجع إلى شخصية محمَّد علي، ومنها ما يرجع إلى أوضاع مصر آنذاك، ومنها ربما ما هو مجهول، لتهيئ لمحمد علي الحصول على ولاية مصر من السلطان العثماني سليم الثالث، وكان من بين من تحمس له علماء الأزهر وكثير من وجهاء مصر وكان من شروطهم أن يحكم فيهم بشرع الله ويمنع الظلم ويحفظ الأمن ويقيم العدل (١).

وقد كان يملك مجموعة عسكرية مهمة "الألبانية" ساندته في عمله، وقابلته القوة الأساسية في مصر وهم "المماليك"، الصالح منهم والطالح، فدبر لهم مكيدة، فجمعهم وقتلهم فيها (٢)، فتخلّص عند ذلك من مجموعة قد تنافسه على طلب السلطة أو تعارض مشروعاته، وقد سببت هذه الحادثة الرعب في مصر من محمَّد علي وجيشه، وضعفت مقاومة الناس له في الحق أو غيره، وأخطر ما في الأمر هو إهماله لشأن الأزهر وعلمائه رغم أنهم كانوا أول من سانده للوصول


(١) انظر: قصة تولّيه مصر، تاريخ الجبرتي ٣/ ٤٣ وما بعدها.
(٢) انظر: المرجع السابق ٣/ ٢٢٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>