للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعميمه هذه القضية على كل معرفة، فما لم تكن تجريبية حسية مصدقة من الواقع المادي فهي معرفة لا تستحق العناية.

[المؤسسون للمنهج وتصورهم للعلم]

اشتهر هذا التيار في القرن الحادي عشر/ السابع عشر مع "بيكون" وتلميذه "هوبز" و"جون لوك"، وفي القرن الثاني عشر/ الثامن عشر مع "ديفيد هيوم"، واشتهر في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر تحت مسمى "الوضعية" و"المنفعة" عند "كونت" و"بنتام" و"مل" الأب والابن و"سبنسر"، وفي القرن الرابع عشر/ العشرين مع فلاسفة "التحليل"، وكذا أصحاب "الوضعية المنطقية". وقد اعتنوا كثيرًا برسم المنهج التجريبي وتمحيصه مع التركيز على لبّ التجريب وهو مفهوم الاستقراء ذاك الموضوع الأهم في المنهج التجريبي مقابل المنهج الاستنباطي الصوري في المنهج العقلي.

كان التأسيس للمنهج التجريبي والحسي مع "بيكون" و"هوبز" و"لوك"، وضع "بيكون" الخطوط الأولية، وجاء تلميذه "هوبز" ليعزز اتجاه التجريبية نحو المادية مما جعله مقدمًا عند الماديين (١)، وفي المسار نفسه واصل جون لوك الطريق لاسيّما في كتابه المشهور: "مقالة في العقل البشري" وكان خلاصة مذهبه "أن معرفتنا مقصورة على التجربة الظاهرة والباطنة، فيتعين على الفلسفة أن تقنع بما يدرك بالملاحظة والاستقراء فحسب، وأن تعدل عن المسائل الميتافيزيقية وعن المناهج العقلية" (٢)، وقد كان لمذهبه الحسي أكبر الأثر على مفكري القرن الثاني عشر/ الثامن عشر في إنجلترا وفرنسا (٣). اهتم بالبحث في إمكانية العقل المعرفية وبحث إمكانية المعرفة عمومًا، واعتنى بما أطلق عليه فيما بعد "نظرية المعرفة" على أن هناك من يراه المؤسس الحقيقي لها (٤)، ليتم الانتقال في التيار من صناعة المنهج إلى وضع نظرية كاملة في المعرفة.

ثمّ جاء هيوم الذي يعدّ بحسب المفكر الوضعي العربي "زكي نجيب" "أول


(١) انظر: تاريخ الفلسفة الحديثة، يوسف كرم ص ٥١، موجز تاريخ الفلسفة، مجموعة من الأساتذة السوفيات ص ١٦٦ وما بعدها.
(٢) المرجع السابق، كرم ص ١٥٠.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ١٥٢.
(٤) انظر: تمهيد للفلسفة، د. محمود زقزوق ص ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>