للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعمال "ابن سينا" و"ابن رشد" حولها، حيث اجتهد الأول في عمل بعض التغييرات فيها؛ بينما حافظ الثاني على صورتها الأرسطية كما هي (١).

ومن فروعه علم الطب (٢) سواء المترجم عن "جالنيوس" أو كتب "الرازي" و"ابن سينا" وغيرهم، وهي التي كانت ضمن مواد التعلم في هذا الباب.

ومن فروعه الفلاحة (٣) وهي تدخل في يومنا هذا في باب الأحياء وفي أقسام الزراعة والنباتات، وهي من الأبواب التي اختلط فيها العلم بالسحر، وعلى المنوال نفسه الفرع اللاحق وهو:

ومن فروعه الكيمياء (٤) إلا أنها رغم الجوانب العلمية التي فيها كانت تختلط عند الكثير بالسحر والطلسمات؛ ولذا جعلها ابن خلدون بهذا العنوان "السحر والطلسمات".

وهذا الرصد الإجمالي من ابن خلدون كما اختصرته المقصود منه -كما كُرر ذلك- بيان حال الساحة العلمية، فهي ساحة قد فتحت قلبها للعلوم النافعة، وانتشرت في الأمة الإِسلامية، وأصبحت إحدى مكونات أمة العلم، وقد جاء من الباحثين فيما بعد من تفرغ لهذه العلوم يرصد دخولها إلى العالم الإِسلامي، ثم ما لحق ذلك من تحسين أو تطوير أو إبداع أو بناء مناهج أو وضع تصورات جديدة حولها.

[خلاصة صورة التعرف الأولي علي علوم الأمم السابقة]

يُظهر لنا العرض الموجز السابق أثر هذا الدين العظيم في تحويل أمة أمية إلى أمة علم، فبنت علومها الذاتية بنفسها، ثم انتقلت إلى العلوم النافعة في الأمم حولها لتأخذ ما تحتاجه منها، وهي صورة تختلف عند المقارنة عن صورة حديثة وقعت للأمة، ومن ذلك مثلًا:

١ - لم تبتعث الأمة آنذاك أبناءها لطلب تلك العلوم؛ وإنما طُلبت كتب العلوم ثم ترجمت، وأوجدت من يدرّسها داخل الأمة، فتفاعلت الأمة معها


(١) انظر: المرجع السابق ٣/ ١١٤١ - ١١٤٢.
(٢) انظر: المرجع السابق ٣/ ١١٤٢ - ١١٤٤.
(٣) انظر: المرجع السابق ٣/ ١١٤٤ - ١١٤٥.
(٤) انظر: مقدمة ابن خلدون ٣/ ١١٤٧ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>