للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبدأ هذا المبحث ببيان هذا الأصل العظيم في الإِسلام، ثم طريقة المتغربين فيه، وأثرها، وبيان خطرها مع نقدها، وبالله التوفيق.

معنى الغيب في التصور الإِسلامي:

قال صاحب القاموس -رحمه الله-: "الغيب الشك، ج غياب وغيوب، وكل ما غاب عنك، وما اطمأن من الأرض. ." وقال ابن فارس: "الغين والياء والباء أصل صحيح يدل على تستر الشيء عن العيون" (١)، فما غاب عن الإنسان فهو من الغيب، وقد يكون في وقت دون وقت وهو النسبي، وقد يكون مطلقًا.

قال -تعالى- في وصف المتقين: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)} [البقرة:١ - ٣]

قال الإمام الطبري -رحمه الله-: "والإيمان كلمة جامعة للإقرار بالله وكتبه ورسله، وتصديق الإقرار بالفعل. وإذ كان ذلك كذلك، فالذي هو أولى بتأويل الآية، وأشبه بصفة القوم: أن يكونوا موصوفين بالتصديق بالغيب، قولًا واعتقادًا وعملًا، إذ كان جل ثناؤه لم يحصرهم من معنى الإيمان على معنى دون معنى، بل أجمل وصفهم به، من غير خصوص شيء من معانيه أخرجه من صفتهم بخبر ولا عقل".

ثم قال -رحمه الله-: "القول في تأويل قول الله جل ثناؤه: {بِالْغَيْبِ}.

- عن ابن عباس: "بالغيب قال: بما جاء منه؛ يعني: من الله جل ثناؤه.

- ابن عباس وعن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، "بالغيب": أما الغيْبُ فما غابَ عن العباد من أمر الجنة وأمرِ النار، وما ذكر الله تبارك وتعالى في القرآن. لم يكن تصديقهُم بذلك -يعني: المؤمنين من العرب- من قِبَل أصل كتابٍ أو عِلْم كان عندَهم.

- عن قتادة في قوله: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}، قال: آمنوا بالجنّة والنار، والبَعْث بعدَ الموت، وبيوم القيامة، وكلُّ هذا غيبٌ.

- عن الربيع بن أنس {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}: آمنوا بالله وملائكته ورُسُلِه واليومِ الآخِر، وجَنّته وناره ولقائه، وآمنوا بالحياة بعد الموت. فهذا كله غيبٌ.


(١) القاموس المحيط، الفيروزآبادي، مادة (غيب) ص ١٥٥، معجم مقاييس اللغة لابن فارس، ٤/ ٤٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>