للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصل الغيب: كُلّ ما غاب عنك من شيءٍ. وهو من قولك: غاب فُلان يغيبُ غيبًا" (١).

وقد ساق ابن كثير -رحمه الله- نفس كلام الطبري وزاد "وقال عطاء بن أبي رباح: من آمن بالله فقد آمن بالغيب. . . . وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: كنا عند عبد الله بن مسعود جلوسًا، فذكرنا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وما سبقوا به، قال: فقال عبد الله: إن أمر محمَّد - صلى الله عليه وسلم - كان بيِّنًا لمن رآه، والذي لا إله غيره ما آمن أحد قط إيمانًا أفضل من إيمان بغيب، ثم قرأ: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)} [البقرة ١ - ٥] " (٢).

قال ابن تيمية -رحمه الله-: ". . وأصل الإيمان هو الإيمان بالغيب كما قال -تعالى-: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} والغيب الذي يؤمن به ما أخبرت به الرسل من الأمور العامة، ويدخل في ذلك الإيمان بالله وأسمائه وصفاته، وملائكته، والجنة والنار، فالإيمان بالله وبرسله وباليوم الآخر يتضمن الإيمان بالغيب؛ فإن وصف الرسالة هو من الغيب، وتفصيل ذلك هو الإيمان بالله وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخر، كما ذكر الله تعالى ذلك في قوله: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} وقال: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} " (٣).

وقال الألوسي -رحمه الله- في {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}: "وفسره جمع هنا بما لا يقع تحت الحواس ولا تقتضيه بداهة العقل" (٤).

وقال السعدي -رحمه الله-: "ويدخل في الإيمان بالغيب، الإيمان بجميع ما أخبر الله به من الغيوب الماضية والمستقبلة، وأحوال الآخرة، وحقائق


(١) تفسير الطبري ١/ ١٠١ - ١٠٢ باختصار الأسانيد.
(٢) تفسير ابن كثير ص ٣٥.
(٣) الفتاوى ١٣/ ٢٣٢ - ٢٣٣.
(٤) روح المعاني ١/ ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>