رابعًا: تجارب الولايات الإِسلامية للتحديث وطلب العلوم العصرية "المرحلة الأولى"
نبدأ الآن في تتبع التجارب الإِسلامية في طلب العلوم العصرية وما لحق تلك التجارب من إخفاقات أو إشكالات، وأثر ذلك في الانحراف بمسيرة العلوم العصرية، حيث كان الأصل أن تساعدنا تلك العلوم في التقدم والقوة، فجاء من انحرف بها عن مجالها فوظفها بما يربك مسيرة الأمة الحديثة ويعكر صفو تجربتها، وسأقسمها لمرحلتين: تكون المرحلة الأولى خاصة بالتجارب العثمانية الأولى وبالتجربة الهندية، والثانية تكون خاصة ببقية تجارب القرن الثالث عشر الهجري.
[١ - تجربة الدولة العثمانية]
كانت الدولة العثمانية سباقة في طلب التحديث المادي بعد أن دبّ فيها الضعف ورأت عبر حروبها مع أوروبا التطورات الجديدة في الجيوش الأوروبية، فما سبب تلك التطورات؟ وهل يمكن الحصول عليها؟ كان مثل هذا التساؤل هو بداية الاتصال بأوروبا التي هي في الوقت نفسه العدوّ لنا والطامعة فينا.
ونظرًا لارتباط تطور الجيوش الأوروبية بالعلوم الجديدة؛ فإن هذا يستدعي من الدولة العثمانية التعرف على هذه العلوم ومعرفة كيفية تحويلها إلى واقع عملي يزيد من قوة الجيش والدولة، وانطلقت تجارب السلاطين العثمانيين التي انزلقت مع الأيام نحو التغريب.
ونجد أولى المحاولات ما حدث زمن السلطان أحمد الثالث (١١١٥ -