للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٤٣ هـ / ١٧٠٣ - ١٧٣٠ م) في النصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي، حيث بدأ الحديث عند بعض الناس عن أهمية الإصلاح للوصول إلى الوسائل التي حققت بها أوروبا قوتها، وكان "الدّاماد إبراهيم باشا الذي تولى الصدارة العظمى في عهد السلطان أحمد. . . . أول مسؤول عثماني يعترف بأهمية التعرف على أوروبة. . . ."، وأرسل السلطان مبعوثين إلى فرنسا للاطلاع على مصانعها ومنجزات الحضارة الفرنسية (١) وبدأت الترجمة، وفي عهد هذا السلطان أُدخلت المطبعة، "وأفتت مشيخة الإِسلام بجوازها، إلا أنه بقي طبع المصحف الشريف ممنوعًا"، وأول ما طبع كتب في التاريخ والجغرافيا وكتاب عن المغناطيس "الفيوضات المغناطيسية"، ثم أهملت أربعين سنة إلى عهد محمود الأول (٢).

كانت هذه بدايات التعرف الأولية على حضارة أوروبا الحديثة (٣)، وهي بدايات ضعيفة، ولم تُخرج لنا رؤية واضحة حول كيفية التفاعل الإيجابي النافع مع علومهم وصناعاتهم واكتشافاتهم، ولنا أن نتخيل أمة عظيمة ودولة كبيرة ذات موقف غامض من آلة نافعة وهي المطبعة فكيف بغيرها!! هذا يكشف لنا بأن بدايات الاحتكاك لم تكن وفق رؤية مدروسة، ثم تضاعفت المشكلة بانصراف السلطنة إلى تقليد أوروبا في مظاهر سطحية (٤) كالمباني الفارهة والقصور والعادات وترك اتخاذ القرارات المهمة حول طلب النافع من علوم وصناعات.


(١) انظر: الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط، د. علي الصلابي ص ٣٤٣ - ٣٤٤، وانظر: الدولة العثمانية. قراءة جديدة لعوامل الانحطاط، قيس عزاوي ص ٤٤ - ٤٥.
(٢) انظر: تاريخ الدولة العثمانية، شكيب أرسلان ص ٢٤٤، وانظر: الدولة العثمانية. . . .، قيس عزاوي ص ٤٥ - ٤٦.
(٣) أخرج أول سفير عثماني في فرنسا كتابًا عن وصف فرنسا سنة (١٧٣٠ - ١٧٣١ م)، ومنها وصفه لعلومهم ومدارسهم ومصانعهم وأسماه (جنة المشركين)، وانظر: الدولة العثمانية. . . .، قيس عزاوي ص ٤٥، ومثله فيما بعد كتاب الطهطاوي المصري عن وصف باريس.
(٤) انظر: الدولة العثمانية. . . .، الصلابي ص ٣٤٤، وإن كان للموقف من المطبعة أبعاد أخرى، منها اعتراض النُسّاخ وقد كانوا بالمئات خوفًا على ذهاب مصدر رزقهم، وقد ثارت "الإنكشارية" على السلطان فعزلته وقتلت "الصدر" وهدمت قصوره، وانظر: الدولة العثمانية. . . .، قيس عزاوي ص ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>