قد خلا من تقرير كل قاعدة فيها صلاح البشر. إما تفصيلًا أو إجمالًا" (١).
وبعد، فقد عُرض موضوع اقتصادي مهم وخطير وهو موضوع الفائدة والربا، وصورة عن تطوره في الفكر الاقتصادي الحديث المتشبع بالعلمانية، وقد ظهر في هذا العلم نظريات مختلفة ترتبط بالبيئة الثقافية الغربية العلمانية، وقد ظهر موقفان يرتبطان بالعلم، موقف متحمس للفائدة والربا وموقف رافض له، ويطرح الرافض للربا بديلًا أكثر شططًا. وقد وجد من العرب من تحمس للأول ووجد من تحمس للثاني، وقد عُرض مثال عن الأول ومثال عن الثاني، وبيان ما فيهما من تبعية عمياء للنظريات الغربية، وهروب من الشرع الرباني. وسنترك هذا الباب ونذهب لباب آخر من الأبواب العملية التي وقع فيها الانحراف تحت مسمى العلمية، وهو حجاب المرأة المسلمة.
* * *
[الرابع: في باب حجاب المرأة المسلمة]
قد لا يبالغ الباحث إذا قال: إنه قد كُتب شيء ضخم عن المرأة، لاسيّما حول حجابها، وأن ما كتب في هذا القرن لم يكتب مثله في كل أزمنة المسلمين، وربما يعود السبب في اتساع الموضوع إلى دخول مرجعية أخرى غير المرجعية الإسلامية، وهي المرجعية التغريبية، التي تسللت في وقت مبكر إلى المجتمع الإِسلامي لتمارس دورها الخطير، حيث كان هناك ضعف وتخلف يرجع للبعد عن الدين، وهذا الضعف والتخلف مدّ بظلاله على أغلب أوضاع المسلمين بما في ذلك وضع المرأة المسلمة، فلم يكن حالها بحسن كحال العالم الإِسلامي عمومًا، ويرجع سبب تردي وضع المرأة المسلمة إلى ما طرأ على المسلمين من البدع والانحرافات وما صحب ذلك من جهل وتخلف، مما يجعل الوضع متأزمًا وفي حاجة لإصلاح، وفي هذه الظروف دخل التغريب كخط جديد لمناقشة وضع المرأة من بين قضايا كثيرة أصبحت في ساحة النقاش بين المرجعية الإِسلامية والمرجعية التغريبية.
الغالب في التغيرات الاجتماعية إنما تأتي من وجود نموذج مغاير، يتم
(١) وضع الربا في البناء الاقتصادي، د. عيسى عبده ص ١٩٠.