للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحليل النفسي رغم المكانة العالية التي حظي بها من قبلهم ومن قبل الأب الروحي فرويد. فقد مثّل انشقاقه مشكلة شائكة، وقد اقترح "جونز" على فرويد تكوين جمعية سرية تسهر على رعاية الجماعة، فرد عليه فرويد: "إن ما أسر خيالي في الحال، ما ذكرته بصدد مجلس سري مؤلف من خيرة أصدقائنا وأوثقهم للعناية بالتطور اللاحق للتحليل النفسي"، إلى أن قال: "يجب أن تحافظ هذه اللجنة على سرية وجودها وأعمالها. . . ." (١)، ولا أدري -لم- كل هذه السرية حول عمل علمي؛ إذ لو كان علميًا لجاهر أصحابه بما عندهم، وقبلوا التحدي والتمحيص من الآخرين، ككل النظريات العلمية، ولكن كل هذه الدلائل تشير على أن جماعة التحليل الفرويدية لديها ما هو أبعد من العلم، وعمومًا فقد تم "تشكيل لجنة دولية سرية مؤلفة من سبعة أشخاص -بينهم فرويد نفسه- للسهر والتأثير على مسيرة الحركة" (٢)، وقد كانوا جميعًا من اليهود باستثناء جونز.

وربما كان من بين ما أزعج "فرويد" حول المنشق "كارل يونغ" عناية "يونغ" بموضوع الدين وإعجابه به ومحاولته وضع تصور جديد عن قيمة الدين تخالف تلك التي تبناها فرويد وأعلنها ليونغ من إرادته تحطيم الأديان وجعل الجنس عقيدة جديدة مكان الدين كما ذكر ذلك "يونغ" في مذكراته (٣)، ومع حرص فرويد على الهوية اليهودية، فهو لا يريدها للآخرين وهناك من يرى (٤) بأن كتاب فرويد "الطوطم والتابو" هو في جزء منه يعدّ "ردًا على انبهار يونغ بالدين والإيمان الروحي".

[هـ - النظرية العلمية -صورة للاستثمار اليهودي]

رأينا فيما سبق بأن النظرية العلمية الخاصة بمدرسة التحليل النفسي قد وُلدت برعاية يهودية خالصة، وكوّن لها مؤسسها جماعة ترعاها كانوا من اليهود، وبعد فترة الاشتهار بدأ البحث عن دعاة من خارج اليهود وكان المرشح لذلك هو كارل يونغ الذي اختلف معهم فيما بعد وانشق عنهم وقد كان من أهم نقاط


(١) مهمة فرويد. تحليل لشخصيته وتأثيره ص ٨٨.
(٢) مهمة فرويد. تحليل لشخصيته وتأثيره ص ٨٧.
(٣) سبق ذكرها أول البحث.
(٤) انظر: سيغموند فرويد. مكتشف اللاشعور ص ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>