للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المبرزين في العلوم الإِسلامية، فهو مهتم بعلم الفلك من جهة (١) وهو من جهة أخرى في العلوم الشرعية سليل أسرة علميه ضربت بشهرتها في العالم الإِسلامي، وكان أحد أعلام تلك الأسرة. وعندما نجد عالمًا يتميز بهذا الأمر -معرفة بالعلم الجديد مع تمكن في الشريعة- فلا نجد عنده مشكلة التعارض، ويرتفع عنده ومعه الإشكال. فإن وقع ما يوهم التعارض عندها يظهر التميز لمنهجه السلفي في المعالجة، فهو لا يقدم أي شيء على نصوص الوحي، وهو في الوقت نفسه لا يشكك بالعقل الصحيح الصريح، فإذا "أمكن الجمع بين ما يقوله الفلاسفة كيف كانوا مما يقبله العقل، وبين ما يقوله سيد الحكماء ونور أهل الأرض والسماء، فلا بأس به، بل هو الأليق الأحرى في دفع الشكوك التي كثيرًا ما تعرض لضعفاء المؤمنين. وإذا لم يمكن ذلك، فعليك بما دارت عليه أفلاك الشرع، وتنزلت به أملاك الحق" (٢).

سأقف الآن مع "مسألتين" من بين مسائل كثيرة تعرض لها الألوسي في هذا الباب، ولهاتين المسألتين أهميتهما في بناء المنهج الإِسلامي حول العلوم الجديدة ونظرياتها وهما:

١ - الموقف من نظرية الفلك الجديدة.

٢ - السعي إلى التأطير الإِسلامي لهذه العلوم -التأصيل الإِسلامي.

[١ - الموقف من النظرية الجديدة في الهيئة]

موقف العالم المسلم من العلوم موقف واضح، فالعلم إذا كان صحيحًا أو كان نافعًا فلا اعتراض عليه، وما توقف علماء الشريعة مع بعضها أو مع بعض ما فيها إلا لما فيها من الاقتراب من نصوص شرعية وردت حول أبواب تلك العلوم، يأتي هنا جهد العالم في رفع الإشكال إن وقع، ويكون العالم أقدر على تحقيق ذلك إذا جمع مع تمكنه من العلم الشرعي تمكنه من ذلك العلم الآخر.

من مكونات النظرية الجديدة في الهيئة "ثلاث مسائل" توقف معها الشيخ:


(١) له مع الكتاب السابق كتاب آخر قام بترجمته عن الفارسية في الهيئة لعلي السمرقندي: شارح زيج أُلُغْ بك وهو من كبار المشتغلين بالهيئة في الإِسلام. انظر: محمود شكري الألوسي. سيرته ودراساته اللغوية، محمَّد بهجة الأثري ص ١١٦.
(٢) ما دل عليه القرآن. . . . ص ٢٩ - ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>