للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"كروية الأرض، وحركتها، وحركة الشمس". عرض الشيخ النظرية الجديدة في أكثر من موضع من كتابه، ومنها أثناء وقفته مع قوله -تعالى-: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣)} [الرعد: ٣]، وبعد أن عرض صورة النظرية الحديثة (١) قال: "هذا ما ذكره علماء الهيئة الجديدة في شأن الأرض. وقد تصفحت القرآن العظيم الشأن، فوجدت عدة آيات نطقت بما يتعلق بالأرض من جهة الاستدلال بها على وجود خالقها وعظمة باريها، ولم يذكر فيها شيء مما يخالف ما عليه أهل الهيئة اليوم" (٢). وبما أن البعض قد يفهم من "آية الرعد" السابقة أن الأرض غير كروية فقد أجاب الشيخ عن ذلك، وبيّن أنها مع غيرها تدل على كروية الأرض، وهي مسألة أيسر في الحسم من المسألة الثانية: وهي "حركة الأرض" فقال -رحمه الله-: "وهذا أيضًا، لا ينافي حركة الأرض اليومية والسنوية التي قال بهما أهل الهيئة؛ فإن الله تعالى لو لم يخلق في الأرض الجبال لمادت؛ أي: اضطربت. . . . ووجه كون الإلقاء مانعًا من اضطراب الأرض، أنها كسفينة على وجه الماء، والسفينة إذا لم يكن فيها أجرام ثقيلة تضطرب وتميل من جانب إلى جانب بأدنى حركة شيء، وإن وضعت فيها أجرام ثقيلة تستقر. . . . والمقصود أن جعل الرواسي فيها لا يعارض حركتها بوجه من الوجوه، كما أن السفينة إذا كان فيها أجرام ثقيلة تمنع اضطرابها وميلها من جانب إلى جانب لا ينافي حركتها. . . ." (٣).

أما مسألة "حركة الشمس" فقد عرضها في موطن آخر في أثناء توقفه مع آيتين من سورة الكهف، قال -تعالى-: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ} [الكهف: ١٧]، وقوله -تعالى-: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف: ٨٦]، فقال: "فقد أثبت للشمس حركة الطلوع والغروب. ولعلّ ذلك باعتبار نظر الناظر كما في راكب السفينة، فإنه يرى ما على الساحل متحركًا وليس بمتحرك. وكذلك الغروب في عين حمئة، فإن الناظر يراها كذلك إذا وقف على ساحل


(١) انظر: ما دل عليه القرآن. . . . ص ٧٣ - ٧٤.
(٢) المرجع السابق ص ٧٤.
(٣) المرجع السابق ص ٧٦، مع بعض الاختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>