للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث وكان الأصل لو كانت قوية برؤية ورسالة تتفق مع هويتنا لمُنع ذلك الانحراف أو خفف منه، ولذا أجدها مشارِكة في الانحراف بالعلم بما تطبعه في عقول طلابها من أخطاء ارتبطت بالتيارات العلمانية ولا علاقة لها بالعلم في ذاته.

[دور مدارس الأقليات]

عُرض فيما سبق تجارب العالم الإسلامي في طلب العلوم العصرية وفتح مدارسها في "مقر الخلافة - مصر - الهند - بلاد المغرب - فارس" ولم أتطرق للشام والعراق (١)؛ لأنهما كانا تحت النفوذ العثماني المباشر، ولذا كان ولاتها غير مستقلين كما هو الحال في مصر وغيرها، وكانت تجربة مركز السلطنة تغني عنهما، ولم تُشتهر تجارب خاصة تولاها ولاتها (٢).

ولكن بلاد الشام شهدت أمرًا آخر كان واضحًا فيها مقارنة بغيرها ألا وهو النشاط التنصيري، فبعد أن شعر الغرب بضعف العالم الإسلامي وإمكانية اختراقه تجهزت الإرساليات النصرانية لدخول الشرق من أجل نشر النصرانية بين أهلها، وكان القرن الثالث عشر/ التاسع عشر أشهر فترات نشاطها الحديث، فضغطت الدول الأوروبية على الدولة العثمانية حول الأقليات الدينية من يهود ونصارى فحصلوا على امتيازات خطيرة جعلتهم أحيانًا في وضع أفضل مما عليه المسلمون، بل ناسب ذلك أحيانًا أهواء بعض الولاة، فقدمهم وأخر المسلمين كما حصل مع إبراهيم باشا في بلاد الشام.

ومع فشل الإرساليات في تحقيق هدفها بين المسلمين فقد تحولت للنصارى، كل طائفة في أوروبا تتنافس على أتباعها في العالم الإسلامي، فيمدونهم بالمال والدعم ويستعينون بهم في أمور التجارة والصلة بالمسلمين ويفتحون لهم أبواب أوروبا وينشئون لهم الكنائس والمدارس في موطن سكنهم.


(١) مما يُذكر عن العراق تجربة واليها "داود باشا" (١٨١٦ - ١٨٣١ م) حيث شابه بعض أعمال "محمد علي" ولكنها ضعيفة، انظر: نشوء الشرق الأدنى الحديث. . . .، مالكولم ص ١٦٠ - ١٦١.
(٢) انظر: الفكر التربوي العربي الحديث، د. سعيد إسماعيل ص ١٨٨، وانظر: الاتجاهات الفكرية عند العرب. . . .، د. علي محافظة ص ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>