بين الدين والعلم (١)، ومع ذلك جاء من يتحمل وزر هذه الدعوى، ويزعم أنها الطريق لنهضتنا العلمية، فكيف برزت هذه الدعوى؟ وما علاقتها بالعلم الحديث ونظرياته؟ ومن خلفها؟ وما حقيقتها؟ وما خطرها؟ وأسئلة أخرى يتناولها هذا المبحث بالتحليل والدراسة. وبما أن المظلة التي استظلت بها هذه الدعوى هي العلمانية "أي: طلب علمنة العلم" فستكون الدراسة من خلال هذه المظلة.
[تعريف العلمانية]
يُطلق على المجتمعات الغربية أنها مجتمعات علمانية، وكذا دولها حيث يقال: هي دولة علمانية وتنصّ دساتيرها على العلمانية، وتكون الدولة ومؤسساتها تبعًا لذلك علمانية، بما في ذلك العلم الحديث الذي برع فيه الغرب، وأول ما يواجه الباحث هنا مشكلات التعريف والاختلافات حوله؛ لأن منها ما يركز على صورته الفكرية الذي عُرف في الوسط الفلسفي والفكري، ومنها ما يركز على صورته الاجتماعية من تبني تيارات واتجاهات لهذا المفهوم والدعوة له ونشره، ومنها ما يركز على صورته القانونية البارزة في دساتير الدول الغربية، ومن قلدها بعد أن نُص عليها في تلك الدساتير، ومنها ما يركز على ثماره ونتائجه التطبيقية في مجالات الحياة من تعليم وسياسة واقتصاد وفكر وثقافة وفنون وآداب وعلاقات وغيرها.
وما يهمنا أنه مصطلح ظهر للتعبير عن أمرين، وتبعًا لذلك تكونت له رؤية، والأمران هما:"الفصل بين الدين ودنيا الناس، والاهتمام بالدنيا وإغفال الآخرة"، ولن يحقق المفهوم عمله إلا برؤية، ومن هنا ظهر المصطلح برؤية جديدة تعارض الرؤية الدينية.
وأكتفي هنا بالتعريف اللغوي والترجمة العربية له، ثم أنتقل لأحدث التعريفات له في اللغة العربية:
مصطلح "العلمانية" مصطلح له شهرته في السنوات الأخيرة، وقد جمع أستاذنا الكريم الدكتور "السيد أحمد فرج" في كتابه: "جذور العلمانية" مجموعة أبحاث حول تحديد هذا المصطلح، نختصرها هنا:"العلمانية" مصطلح أفرزته