تيار انحرف بالعلم، ليجعل من ذلك البديل العلمي عن الدين.
لا شك أن الماركسية تريد أن تكون رؤية شاملة وتجيب عن كل الأسئلة البشرية ولكنها فشلت عن تحقيق الحد الأدنى من كرامة المجتمعات التي انتشرت فيها في حياتهم الدنيا، أما مجالات الحياة المعنوية وما فوق الحياة الدنيا فلم تقدم إلا ما يجلب الخواء واليأس والنكد. نعم لقد سقطت الماركسية سقطة مدوية في زمننا هذا، وأفلست فلم تُقدم ما يُقنع أهلها ويقنع المدافعين عنها لأكثر من سبعين سنة، فكيف يمكن بعد ذلك قبولها كمذهب فكري فضلًا عن قبولها بديلًا شموليًا قادرًا على تقديم بديل حقيقي للبشرية، ولهذا نجدها تبقى مع المتغربين أداة هدم فقط دون أن تقدم بديلًا مقنعًا، فمع التحولات المدهشة للماركسيين العرب نحو مذاهب أخرى، وهم من كان لهم شأن في تعصبهم للماركسية حتى تظن أن ما عندهم حقيقة لا يمكن التفريط فيها، ثم هاهم يهجرونها ولكنهم يستبقون منها ما يهدمون به الدين حتى وإن دخلوا جحر ضب آخر.
[النموذج السادس]
ممن يرفض شمولية الإِسلام طائفة من متغربي النصارى، ومنهم لويس عوض الذي تطرف في موقفه العلماني وأخذ بالرؤية الشيوعية الماركسية، كما تجاوز الموقف الفكري إلى العمل الخفي عبر منظمات مشبوهة، ففي جوابه عن سؤال:"هل يحافظ الإِسلام حتى يومنا هذا على دعوته الشاملة؟ " فأجاب: "كلا، إذا تمكن الإِسلام من التغلب على "بيزنطيا" سابقًا، فلأنه كان دينًا علمانيًا أكثر من الدين المسيحي في القرن السابع. . . . ويبدو أن ما تحلم به الجماعة الإِسلامية هو الإِسلام البيزنطي"(١)، فالشمولية ترتبط عنده بالموقف العلماني فقط، أما الإِسلام فلا يكون بزعمه شاملًا لحياة الإنسان إلا إذا كان علمانيًا.
وفي نهاية الفصل الأول، يصل الباحث إلى أن هناك عددًا من الدعاوى التغريبية ارتبطت بعلاقة العلم الحديث ونظرياته بالدين، ومن أشهرها: دعوى أهمية علمنة العلم وما صاحب ذلك من معارضة أي مشروع إسلامي لتأصيل