للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ج- دور جاليليو]

كان جاليليو أحد أشهر شخصيات هذه المرحلة، درس الطب أول حياته إلا أن ميله كان لغيره، ودرس في جامعة بيزا الإيطالية ثلاث سنوات، ثم انتقل إلى جامعة بادوا المشهورة في أوروبا، والتي قامت شهرتها على نقل علوم المسلمين وتطويرها، قضى فيها سبع عشرة سنة، وكان يُدرّس الفلك القديم مع اعتقاده بنظرية كوبرنيكوس، شأنَ غَيْرِ واحِدٍ من أساتذة العصر كما يقول يوسف كرم (١).

[١ - استعمال جاليليو للتلسكوب وآثار ذلك]

وصلت أخبار التلسكوب إلى آذان أساتذة بادوا، فقرر جاليليو أن يصنع واحدًا بنفسه، ووجهه إلى السماء "وفي الليالي القليلة الأولى التي شاهد فيها السماء اقتنع بخطأ كل ما صوره أرسطو لهذه السماء الصافية، أما القمر فبدلًا من أن يراه كرة كاملة وجده مليئًا بالبحار والجبال. ."، وأغلب ما رآه "صورة مصغرة لنظام كوبرنيكوس والتي يمكن لأي فرد التحقق منها إذا نظر من خلال التلسكوب إلى السماء" (٢).

جمع "جاليليو" كل تلك المشاهدات مع ترتيبه الخاص بها في كتاب "رسول من النجوم" وعنوان الكتاب في حدّ ذاته معبّرٌ عن المشكلة التي كانت في عصره، وفيه إيحاء للأطراف المتنازعة بأن ما كنتم فيه تختلفون قد ذهبتُ إليه وتأكدتُ منه، وعدتُ إليكم بخبر يقين. والحقيقة أنه لم يذهب إلى هناك كما يحاول رواد الفضاء في عصرنا هذا، وإنما حاول تقريب الفضاء منه ليرى بعض ما لم يكن يُرى سابقًا، وقد أدهشت مشاهداته وملاحظاته كثيرًا من الناس، والتي أعلن فيها بشكل قاطع تأييده لنظرية كوبرنيكوس.

وسبحان الله كم يدهش المتابع لهذه الأحداث كيف كانت نهايتها، فمنذ مئات السنين وهؤلاء الفلكيون يقدمون النظريات المختلفة، ويكتبون مئات الكتب، ويسطرون آلات الأوراق، ويجهدون أنفسهم بإقامة المراصد الضخمة وينفقون عليها الشيء الكثير، ويبقون الليالي الطويلة يتابعون بأبصارهم حركاتها،


(١) انظر: تاريخ الفلسفة الحديثة ص ١٩ - ٢٠ وفيها شيء من سيرته.
(٢) العلم في التاريخ، برنال ٢/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>