لهذا يغلب عليهم دراسة الدين دون أن يصلوا منه إلى إثبات وجود موضوعي لدين موحى به، فهذا ما يرفضونه غالبًا، وأشد من ذلك فهم غالبًا لا يعترفون بأصل الدين وهو الإيمان بالله سبحانه، ثم مع كثرة الدراسات في هذا الميدان فُتحت أقسام خاصة في علم النفس تحت مسمى "علم النفس الديني" فرعًا من فروع علم النفس، يجمع في الغالب كل مباحثهم حول الدين.
وعندما وقع الاحتكاك بالغرب وطُلب ما عندهم من علوم، برزت طائفة تنقل من ميادين علم النفس مهملة كل تراثنا الإسلامي في هذا الميدان، مكتفية بما تلقوه عن الغرب إلا في حالات نادرة، وتأثر بعضهم بنظريات حول الدين ظهرت في هذا العلم، وأصبحت تمثل موقف المتغرب من الدين أو يعرضها على أنها صورة من صور العلم التي تفسر لنا الدين.
بالرجوع إلى المكتبة العربية المتغربة نجد الماركسيين يعلون من بافلوف وكشوفاته في ميدان علم النفس، بينما نجد فترة الابتعاث لأمريكا قد أثرت في طلابها وحولتهم إلى بحوث "وليم جيمس" في "التجربة الدينية"، إلا أن الطائفة الأبرز والأشهر هي التي ارتبطت بـ "فرويد" و"مدرسة التحليل النفسي"، حيث وجد في الإطار الفكري شعبية ربما لا يشعر بها أهل التخصص في علم النفس بسبب استغراقهم في دائرة علم النفس وعدم نظرهم في حركة الفكر والأدب والفن، وهي الزاوية التي تهتم بها هذه الدراسة في ميدان المذاهب الفكرية.
وبسبب هذا الحضور الكبير لـ"فرويد" و"مدرسة التحليل النفسي" التي أسسها؛ فستكون هي النموذج الواضح لهذا المبحث، ولاسيّما أن له موقفًا واضحًا من الدين والألوهية سعى هؤلاء المتغربون إلى نشره بصورة أو بأخرى.
نظرية فرويد النفسية ولاسيّما ما له علاقة منها بالدين:
نبدأ بمعرفة مذهب "فرويد" في الدين، حيث بحث ذلك في "الطوطم والتابو"، و"موسى والتوحيد"، و"قلق الحضارة"، و"مستقبل وهم"، إلا أن أهمها بحسب أحد أتباعه المهمين "أريك فروم" هو "مستقبل وهم" وقد قدم خلاصة لذلك في كتابه: "الدين والتحليل النفسي"، واختصرها في النقاط التالية:
• ينبع الدين من عجز الإنسان في مواجهة قوتين "قوة الطبيعة في الخارج، وقوة الغريزة في داخل نفسه".