للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• لم يكن الإنسان في مرحلة مبكرة من حياته بقادر على استخدام عقله في التصدي لهاتين القوتين، فتقوم قوى وجدانية بالتعامل مع القوتين بالكبت، وينمي الإنسان بهذه العملية ما أسماه بـ "الوهم"؛ أي: الوهم بالدين والألوهية.

• يكون الوهم هنا هو الدين، أي: طاعة إله، ومادة هذا الوهم تكونت في طفولة الإنسان، فالطفل عندما يواجه قوى خطرة يشعر بأن أباه يحميه، فعند أبيه قوة وحكمة، وحتى يكسب حب أبيه، ومن ثمّ حمايته؛ فعليه بطاعة أوامره واجتناب نواهيه.

• ونفس هذا الأمر يقع للكبير عندما يواجه قوة لا يستطيع السيطرة عليها أو فهمها، فهو يسترجع ذاك الوهم الطفولي، ويصوره في صورة دين، ويوجد إلهًا مكان الأب، قويًّا وحكيمًا، وحتى يكسب حبه وحمايته فعليه بطاعة أوامره واجتناب نواهيه.

• في وقتٍ ما من طفولة البشرية نبع هذا الدين ونبع الإيمان بإله، وحسب نظريته فإن المستقبل يعني اختفاء الدين؛ لأن الإنسان أصبح قويًا وقادرًا على استخدام عقله، وبهذا فإنه بحسب المفهوم الفيورباخي يستعيد القوة والحكمة من الإله ويجعلها لنفسه؛ لأنه لا وجود إلا لهذا الإنسان والعالم المادي من حوله.

• يزعم فرويد أن هذه الحقيقة التي وصل إليها تختلف عن أفكار فلسفية شبيهة قالها فلاسفة؛ لأنها بزعمه نابعة من تأمله في مرضاه وتحليل أحلامهم، إلا أنه يزيد درجة على من سبقه، فلا يكتفي بقوله: إن الدين وهم؛ بل هو خطر يجب التخلص منه، فهو يعتبره مرضًا عصابيًا (١).

• إذا كان الدين وما يرتبط به مرضًا عصابيًا فإن ذلك يعني الرجوع إلى منبعه، ومنبعه هو عقدة أوديب، وكما يقول أحد رموز مدرسة التحليل النفسي من العرب "العقدة الأوديبية، عقدة الخصاء، تمثلان المحور الأساسي الذي يدور حوله كل تحليل نفسي. فمن هذه العقدة تتفرع الأعراض العصابية. . . ."، وهي


(١) انظر: الدين والتحليل النفسي، أريك فروم ص ١٥ - ١٨، وكتاب مستقبل وهم، ترجمه جورج طرابيشي للعربية، وانظر: طريقة التحليل النفسي والعقيدة الفرويدية، رولان .. ، الفصل السابع ص ٣٧٣ وما بعدها، وانظر: فكر فرويد، إدغار .. ، القسم الثالث ولاسيّما ص ١١١ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>