للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحسب رأيه قد "أذهلت الأدباء، والأطباء، والمفكرين، وخلقت تمزقًا في دائرة المحللين النفسيين. . . ." (١).

• تعمل العقدة الأوديبية في العقل الباطن أو في اللاشعور، وتصبح الأصل لتفسير كل الظواهر، أول دين برز عنها هو "الديانة الطوطمية"، ويعرفها أحد الفرويديين العرب الدكتور "فيصل عباس": ففي زمن سحيق كان الإنسان يعيش ضمن عشيرة بدائية تخضع لنظام أبوي، يستأثر بالنساء ويطرد أبناءه عندما يكبرون إن رغبوا في النساء، عندها اجتمعوا على قتل أبيهم، فقتلوه والتهموه، وأصبحت الوليمة الطوطمية تذكارًا بهذا الفعل، وكان قتله هو الخطيئة الأولى. إلا أنهم شعروا بالذنب والألم؛ فهم من جهة يحبونه بسبب قوته، ويكرهونه بسبب منعه لهم من إشباع رغباتهم، فظهر الندم الذي هو شعور بالذنب. ولكن بعد قتل الأب تعاون الأخوة، ومن ذلك تكوَّن المجتمع، فإنهم بعد اتفاقهم على قتل الأب وقع اختلافهم حول اقتسام النساء، وعالجوا ذلك بإيجاد تحريم زنا المحارم، فيكون الزواج خارجيًا ومن خلاله نشأت العائلة، وبهذا يكبتون رغبتهم نحو نساء الأب (٢).

• أعقب ذلك اختراع "الديانة الطوطمية" التي هي الصيغة الأولى للدين، نشأت "عن شعور الأبناء بذنبهم، كمحاولة ترمي إلى تهدئة هذا الشعور ولمرضاة الأب من خلال الطاعة المستدركة. وأن جميع الأديان اللاحقة تتبدى على أنها محاولات حل نفس المشكلة. . . . وهذه المحاولات تبقى جميعها ردود فعل على الحدث العظيم الذي بدأت به الحضارة والذي ما زال منذ ذلك العهد يقض مضاجع البشرية"، إلى أن قال: "وتحول الأب البدائي القتيل إلى صورة إله" (٣).

• تصبح عقدة أوديب تلك التي تكونت عند الطفل هي منبع الوهم الديني، وهي التي غذت تلك الحادثة وحولت الندم إلى دين وله إله، وحسب الفرويدي


(١) انظر: التحليل النفسي للرجولة والأنوثة .. ، د. عدنان حب الله ص ١٠٢، وقد شرح العقدة عند المدرسة بصورة موسعة ص ١٠٢ - ١٨٥، وانظر مختصرها في: (الأنا والهو)، فرويد ص ٥٣ وما بعدها.
(٢) انظر: الإنسان المعاصر في التحليل النفسي، د. فيصل عباس ص ١٤٥ - ١٤٩.
(٣) المرجع السابق ص ١٥٣ - ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>