للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العربي السابق يقول: "يذهب فرويد إلى أن عقدة أوديب. . . . أو علاقة الإنسان بأبويه هي في أساس نشأة المجتمع والأخلاق والدين"، وينسب إليها أهمية بالغة في نشأتها، ويذهب إلى أن هذه العقدة هي "أهم تراث فطري ورثه الإنسان منذ الأزمنة الغابرة عن المجتمع البدائي" (١).

• قد توجد شروحات عربية مختلفة لنظرته حول الدين، إلا أنها ترجع في الغالب إلى هذا المبدأ، الدين وهم والألوهية وهم، والدين مرض أو عصاب جماعي، والتحليل النفسي عندهم يخلصنا من هذا المرض كتخليصه لبقية الأمراض العصابية. ولا شك أن قصة هذه العقدة تذكرنا بـ "الإسرائيليات" التي دخلت على المسلمين في تاريخهم القديم، وفرويد ممن غاص في تلك الإسرائيليات (٢)، وجمع إليها أساطير أخرى درسها، ثم خرج منها بمثل هذا المركب الذي يجتهد أتباعه العرب في إدخاله إلى ثقافتنا، ولو أدخلوه على أنه من الإسرائيليات لهان الأمر، ولكنهم يدخلونه على أنه من العلم، وأنه أداة علمية يمكن الاستفادة منها في تفسير الدين وفهمه، وفي توضيح نشأته وتكونه وبيان أصله، وهذا ما تكشفه الفقرات القادمة.

المثال الأول:

بدأت المرحلة الأولى لإقحام "فرويد" في الفكر العربي عبر العميل الحضاري كما يسميه محمد عمارة (٣)، أو الرسول العلمي كما يسميه المعجبون به وهو "سلامة موسى"، الرمز التغريبي المشهور، حيث كتب المقالات، وأخرج كتابين أو أكثر في ميدان علم النفس، هي أقرب إلى التفلسف حول هذا العلم مع نشر بعض المفاهيم التي تلبي العمل التغريبي عنده.

نجد في مقدمة كتابه "أسرار النفس" ما يلي: "كان موضوع هذا الكتاب جديدًا في اللغة العربية إلى قبل ثلاثين سنة. وهو في اللغات الأوروبية حديث العهد، يقوم بزعامته فرويد، العالم النمسوي، يعاضده يونغ وأدلر. . . .، ولكن


(١) انظر: المرجع السابق ص ١٥٨.
(٢) انظر: الفصل الثاني من الباب الأول من هذا البحث.
(٣) انظر: سلامة موسى، اجتهاد خاطئ أم عمالة حضارية، د. محمد عمارة، وانظر: قراءة في فكر التبعية، محمد جلال ص ٢١ - ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>