ومما يميز هذا المعبر هو انفتاحه على الجميع، فالجميع يطالع الصحافة ويقرأ ما فيها، ويزيد من شعبيتها وعمق تأثيرها أنها الوحيدة في الساحة، ولكن الخطير فيها أن أصحابها هم من الفئة النصرانية المصنوعة في مدارس الإرساليات الغربية للتأثير من الداخل في الأمة الإسلامية، وربما كان سبب قوتها واستمرارها الطويل هو ما تتلقاه من دعم غربي، ودعم مالي وسياسي، ودعم معنوي من خلال إمدادها بالمعلومات والمعارف والأفكار.
الصورة الخامسة: المنتدبون من العالم الإسلامي إلى أوروبا لتحصيل العلوم العصرية ودخول جامعاتها ومعاهدها والنظر فيها والتعرف عليها, ليُطلع العالم الإسلامي عند العودة على ما حصّله، وقد كان هؤلاء المندوبون إما دبلوماسيين أو رحالة أو -وهو الأهم- طلابًا مبتعثين لتحصيل تلك العلوم، وهم بقدر ما نجحوا في إطلاع المجتمع على أن هذه العلوم قد حدث لها تطوير كبير في أوروبا بعد أن أهملها المسلمون، ولكنهم لم ينجحوا في تكوين نواة علمية إسلامية تسهم في استقلالنا المعرفي.
كانت هذه المعابر هي صور تعرفنا -أو إعادة اهتمامنا- بالعلوم الرياضية والطبيعية والاجتماعية، ولكن هذه المعابر قد نشأت في ظروف غير طبيعية للمسلمين، لاسيّما مع ما أسلفنا من الحديث عن الابتداع في الدين والضعف الدنيوي وعدم الانطلاق من نقطة صحيحة، فقد وقع من تلك المعابر آثار خطيرة على الأمة الإِسلامية، حيث اكتسب كل معبر من ظروفه المحيطة به ما يعكر مساره -لاسيّما في ظل غياب الإصلاح الديني- وتحولَ إلى طريق يسمح بتسرب الانحرافات في أثناء طلب النافع من العلوم العصرية.
يمكن إهمال الحديث عن تلك المعابر بعد أن تجاوزنا تاريخيًا تلك المرحلة لولا أن هذه المعابر ما زالت تواصل دورها إلى الآن وبالإشكالات نفسها، وفيما يظهر للمتأمل في حال أمتنا أن ذلك باق إلى سنين قادمة، مما يعني أهمية تحليل تلك المعابر ومراجعة حقيقة دورها في تعريفنا بعلوم العصر، وكيف نستطع عبر الاستفادة من التاريخ إصلاح الوضع الحالي من جهة ونقد الصور التغريبية أو السلبية من جهة أخرى.
[٢ - تاريخ دخول النظريات العلمية ذات الإشكالات للعالم الإسلامي]
أول ما كان يصل المجتمع من النظريات العلمية هو من العموميات، مع