للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مسلمين يرون أن مسألة دوران الأرض لا يوجد في الدين ما يعارضها، لذا ابتدأ الرجل مقاله بذكر الآيات القرآنية التي يظن أنها تؤكد ثبوت الأرض وعدم دورانها (١)، وعلينا أن نفرق بين ثبوت الأرض فلا تضطرب كما يحدث في الزلازل وبين مسألة دورانها؛ لأن المثبت لدورانها يجد ثباتها مع الدوران أكثر دلالة على قدرة الخالق سبحانه، فمع أنها تدور، فإنها ثابتة لا يشعر الناس بتلك الحركة، فمن نعم الله على الخلق أن ألقى فيها من الرواسي ما يحفظها فلا تميد.

والشاهد بأنه استدل بآيات سيأتي بيان المنهج الصحيح حولها (٢)، وما يهمنا هنا تحريك المشكلة وأبعادها وآثارها، حيث أتبع صاحب المقال مقالة جديدة بأدلة أخرى من كتبهم، ثم ختم فقال: "وأخيرًا لكوني خادمًا أحقر في كنيسة المسيح المقدسة، وبحسب وظيفتي أجد ذاتي ملتزمًا أن أوضح لأبناء كنيستي ذلك، حيث يوجد كثيرون منهم مشتركين بجريدة المقتطف وآثار الأدهار وغيرهما؛ لكي لا يعتبروا ما يجدونه مدونًا على غير مطابقة الوحي والتعليم القويم. . . ." (٣)، وهكذا تحولت من مسألة علمية يبحثها علماء الفلك كما ذكرت المجلة أول أعدادها إلى مسألة دينية، فهناك من يقول: الأرض ثابتة ولا تدور دينًا وعلمًا، وهناك من يقول: إن الأرض تدور دينًا وعلمًا، ولا شك أن الحق في أحدهما، والأخطر هنا أن يُجعل هذا التعارض بين الدين والعلم، بل ظهر أن هناك تعارضًا بين رأيين دينيين، وإن كانت كما رأينا في الجملة ما زالت مسألة تخص النصارى وأنها تحولت من قضية سهلة إلى مشكلة معقدة لها أبعادها الخطيرة.

[صدى المشكلة عند بعض المسلمين]

من الطبيعي في مجلة تستأثر بالساحة الصحفية في المجال العلمي أن يطلع


(١) انظر: مجلة المقتطف ١/ ٢٦٥.
(٢) يمكن الرجوع لكتاب خرج من أحد علماء الإسلام قريبًا من تلك الفترة (١٣٣٩ هـ) وهو العلامة السيد محمود شكري الألوسي: ما دلَّ عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة البرهان، حيث استعرض آيات القرآن التي تتحدث عن الهيئة وفسرها، من سورة البقرة إلى الطلاق، ثم جمع في فصل ختامي ما تبقى من الآيات التى سبق مثيلها.
(٣) مجلة المقتطف ١/ ٢٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>