للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للاختيار الشخصي وليس للتحقق الموضوعي، وتكون بحاجة كغيرها من الموضوعات التي يتنازع الناس فيها إلى مصدر آخر يرفع هذا التنازع أو يحدد لنا الاختيار الصحيح. وهنا يأتي أهمية التأصيل الإسلامي، فبالرجوع إلى أصوله نستطيع الحكم فيما اختلف الناس فيه، ونحسن الاختيار عند الاحتياج لشيء مما عندهم.

[دخول علم النفس للثقافة العربية والمواقف تجاهه]

إذا كان علم النفس المعاصر قد ارتبط بالحضارة الغربية العلمانية في جوهرها وما زال يحمل إشكالية علميته التي لم تتحقق، فهل نكون ضد هذا العلم؟ قطعًا ليس هذا هدف الباحث، بل الباحث مقتنع بأهمية هذا العلم وحاجتنا إليه، ومقتنع بأن للغربيين جهودًا كبيرة في تطويره، وبأهمية تحصيل النافع منه، وهذا ما يقوم به مجموعة من فضلاء الباحثين في ميدان علم النفس توجت جهودهم بتفاعل حضاري يجتهد في تأصيل إسلامي لعلم النفس أو تقريبه من الإسلام بعد أن أبعدته تيارات غريبة ومتغربة عن الدين (١). وإنما جاءت المقدمة المحذرة من مشكلات هذا العلم لتكشف لنا عن تلك المناطق المشتبهة في هذا العلم أو المنحرفة والتي اكتفى بعض المتغربين بالوقوف عليها ونقلها إلينا دون تنبيه إلى مفاسدها، بل ربما يعتبرونها هي علم النفس الذي ينبغي أخذه وفهم أنفسنا من خلاله وفهم النشاط الإنساني وما يحيط بالإنسان ويتفاعل معه بواسطته.

وعندما أقول مناطق مشتبهة أو منحرفة فهو ليس من قبلي كباحث؛ وإنما هو اعتراف أهل الميدان، لدرجة أن هناك من يرى صعوبة تعريف علم النفس، إنه نشاط ما زال يتحرك دون أن يأخذ التعريف الذي يميزه عن غيره، وإن وجدنا تعريفًا؛ فإنما هو تعريف من وجهة تلك المدرسة التي عرفته وتعترض عليه بقية المدارس، ففي أحد المعاجم المتخصصة بهذا العلم نجد "أن علم النفس ببساطة لا يمكن تعريفه، وحقيقة لا يمكن تحديد ملامحه. وحتى لو عرفه شخص اليوم؛ فهو سوف يتخلى عن التعريف بسبب عدم كفايته. . . . وجميع التعاريف تعكس


(١) انظر مثلًا: تمهيد في التأصيل (رؤية في التأصيل الإسلامي لعلم النفس)، عبد الله الصبيح، الفصل الأول والثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>