للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النموذج الخامس]

كما اختزل الدارونيون العرب العلم في الدارونية، وأعطوه الشمولية، فقد اختزل الماركسيون العلم في الماركسية، وأعطوه الشمولية، والجميع يصرّ أن ما يقترحه ويعرضه هو آخر صورة للعلم، ومن بين الأمثلة الماركسية ما نجد عند الكاتب "صادق العظم"، فالدين الذي كان يغطي الحياة قديمًا يعد عنده بديلًا خياليًا عن العلم، رغم اشتراكهما في تفسير أحداث وتحديد الأسباب إلا أنه بديل خيالي عن العلم (١)، ولذا سيكون الدين في طريقه إلى الانهيار مع تقدم العلم (٢)، لصعوبة قبوله في ظل ثقافة علمية أتى بها الغرب (٣).

ويحاول العظم استيعاب كل عفن الفكر الإلحادي الحديث تحت اسم العلم، ويقدمه على أنه البديل الوحيد للدين الخيالي، ففي "مدخل إلى التصور العلمي - المادي للكون وتطوره" الذي تحدث فيه بأن كل حضارة امتلكت نظرة عامة وشاملة حول طبيعة الكون والإنسان والحياة ولها طرق في التعبير عنه (٤)، إلا أن العصر الحديث عرف ثورة علمية أتت بالبديل العلمي لكل التصورات السابقة، تمثلت أولًا في المادية المبنية على فيزياء "نيوتن"، وهي المادية الميكانيكية (٥). ثم حدث لها تطورات، وصلت ذروتها في المادية الجدلية الماركسية، وهي النظرة البديلة عن كل التصورات السابقة "ومن المؤكد أن المادية الديالكتيكية هي أنجح محاولة نعرفها اليوم في صياغة صورة كونية متكاملة تناسب هذا العصر وعلومه، وأعتقد أن هذا جزء مهم مما عناه سارتر حين قال: "الماركسية هي الفلسفة المعاصرة"" (٦).

يتم هنا اختزال العلم في الماركسية، فهلّا مع هذه التبعية العمياء قد وسّع الأمر ليشمل المذاهب الغربية، فحتى "سارتر" الذي يستشهد به كان له فلسفته الخاصة، ولكنه توجه إلى أكثر ما عندهم من إلحاد، وأخطر ما عندهم من


(١) انظر: نقد الفكر الديني، د. صادق العظم ص ١٤.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ١٤.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ٢٠ - ٢١.
(٤) انظر: المرجع السابق ص ١٢٧.
(٥) انظر: المرجع السابق ص ١٢٨ - ١٢٩.
(٦) انظر: المرجع السابق ص ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>