[الفصل الأول التأثر المنهجي في مصدر التلقي وطرق الاستدلال]
لقد ارتبط بالعلم الحديث مناهج وطرق في النظر والبحث والاستدلال، وقد كان بعض هذه المناهج معروفًا في الحضارات البشرية، وإن كان قد حصل لها تطوير كبير في الحضارة الحديثة. وقد اكتسبت المناهج خصائص ترجع للبيئات التي ظهرت فيها، فمن المُسلّم به الآن في فلسفات العلم أنه لا وجود لمناهج منفصلة عن بيئتها الفكرية والثقافية، ومن ذلك ما حصل لمناهج الفكر والعلم الحديثة في الحضارة الغربية، فهي رغم ما تحاول الظهور به من تقنية عالية وموضوعية، إلا أنها قد اكتسبت خصائص بيئتها العلمانية، مما جعلها ذات موقف خطر فيما يتعلق بأبواب الدين، وتحوي ثغرات خطيرة استغلها أعداء الدين في صراعهم ضدّ الدين، وقد انساق في هذا العداء أو وقع في هذا الانحراف طائفة المتغربين العلمانيين. ومن بين الأمور التي وقع فيها المتغربون العرب من جهة المنهجية أمران: الانحراف في المصدر، بحجة أن العلم لم يتقدم إلا بعد تركه مصدر الدين وهو الوحي، والانحراف في الاستدلال، بحجة أن العلم لم يتقدم إلا بعد تركه المنهجية الدينية، وذلك باعتماد الموضوعية.
وقد عُنِيَ الفكر الغربي الحديث بالمنهج، فجاء ذلك مع التطور العلمي