للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحملة على الدين والأخلاق والتقاليد، ونفي القداسة عنها، وتشويه سمعتها أو التشكيك في قيمتها. والقيام بهذه الحملة باسم "العلم" والبحث العلمي" (١). فيتحول النشاط العلمي والنظريات العلمية معهم -من الاستثمار الأمثل لما أوجده الخالق في الدنيا ولتفسير المظاهر المختلفة في العالم المادي- إلى خدمة الإلحاد والكفر، فظهر الإلحاد والكفر باسم العلم وتحت مظلّته، فقد "كفر الناس في هذا الجيل على ضوء "العلم"! فقد أفهمتهم شياطين الأرض أن العلم ينافي الإيمان بالله. وأن العلم قد قضى على الخرافة التي كانت تملأ ضمائر الناس في العصور الوسطى: خرافة "الله"! ومن ثم كان تقدم العلم وسيلة من أخبث الوسائل في أيدي الشياطين! كلما تقدم العلم أوغلوا في إبعاد البشرية عن الله" (٢)، فهذه صورة من الانحراف اليهودي بمسيرة العلم.

[نموذج فرويد ونظرياته في علم النفس]

سأختار من الثلاثة السابقين أحدهم نموذجًا عن الأثر اليهودي في الانحراف بمسيرة العلم والنظريات العلمية، وهو "سيغموند فرويد"، أحد أهم المستثمرين لنظرية داروين من جهة، والواضع لنظرية في علم النفس ذات شهرة عالمية من جهة أخرى. سأبحث عن قضايا مختلفة حول هذه الشخصية أجدها مهمة، وتفيدنا في حالات كثيرة مشابهة لها وتوضح لنا مسائل كثيرة قد تثار هنا أو هناك.

ولد "فرويد" لأسرة يهودية عام (١٨٥٦ م)، وعاش أول حياته في المجتمع اليهودي المغلق في فيينا، وهي مدينة عاش فيها معظم حياته منذ كان عمره خمس سنوات حتى أصبح عمره (٨٢) سنة، لينتقل بعد الحظر النازي إلى لندن وبقي فيها حتى انتحر على يد طبيبه عام (١٩٣٩ م). وقد عانى أول حياته كغيره من اليهود من الاضطهاد والإقصاء في وقت بلغ الكره الأوروبي لليهود مبلغه، وظهرت المعاداة للسامية كما يُقال بأبشع صورها، وربما تكون هذه الذكريات محفورة في ذاكرة فرويد وغيره من اليهود، وبحسب قول "مارغريت" فقد "تركت خلفية فرويد اليهودية ملامح عميقة على كل من تطوره المعرفي وعلى حياته في


(١) المرجع السابق ص ٥٦.
(٢) جاهلية القرن العشرين، محمَّد قطب ص ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>