للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاءت المشاركة اليهودية -سواء كان الانتماء لليهودية ديانة أو هوية قومية- بعد خروج نظرية "داروين" التطورية في علم الأحياء وامتدادها إلى مجالات أوسع من مجالات النشاط الاجتماعي، مما يمكن الحديث عن وجود جوّ ثقافي وفكري وعلمي عام مختلط بروح دارونية ذات الأصل المادي والنافية لكل ما هو غيبي والتي حولت الإنسان إلى صورة حيوانية تمارس صراع البقاء للحفاظ على نوعها (١).

وقد كان هناك ثلاثة يهود -ماركس وفرويد ودوركايم- عاشوا في هذا الجوّ الداروني، واعتنوا بإيحاءات نظريته المصادمة للدين وبنوا عليها نظرياتهم الخاصة في مجال تخصصهم واهتماماتهم، وكونوا بذلك مذاهب فكرية مشهورة ما زالت آثارها قائمة إلى اليوم.

كان من أهم ما تقرره النظرية الدارونية "حيوانية الإنسان وماديته"، وشيء كهذا يعطي إيحاءات خطيرة لمن أراد توجيهها في جانب الضلال، وتلك الإيحاءات الخطيرة تجاوزت الجماهير إلى العلماء من زمن داروين إلى وقتنا الحاضر (٢). وأهم من أظهر الإيحاءات الخطيرة واستثمرها هم اليهود، فقد أنشؤوا "منها نظريات "علمية" اقتصادية ونفسية واجتماعية. . . . إلخ موجهة كلها لمحاربة الدين والأخلاق والتقاليد. ." (٣)، وقد كان أبرز من استثمرها من اليهود واستغلها أبشع استغلال "ثلاثة من أكبر علمائها. . قاموا بصياغة الفكر الأوروبي كله في ميدان الاقتصاد وعلم النفس والاجتماع. . أخطر ميادين ثلاثة في عالم الفكر. . على أساس معاد للدين، بل محطم لكل مفاهيمه. أولئك هم: ماركس -فرويد- ودوركايم" (٤)، ومن أهم ما ميّز هؤلاء الثلاثة على من سبقهم بأنهم جعلوا الابتعاد عن الدين "نظرية يسندها العلم ويعطيها سند "الحقيقة العلمية" في أنظار الجماهير" عندها يصبح الابتعاد عن الدين وإهماله واجبًا يقتضيه التقدم العلمي (٥). والتقى نشاط هؤلاء الثلاثة "عند نقطة رئيسية، متصلة ومتصاحبة:


(١) انظر التعريف بالنظرية وأثرها في الفصل الأول.
(٢) انظر: الإنسان بين المادية والإِسلام، محمَّد قطب ص ١٧ - ١٩.
(٣) مذاهب فكرية معاصرة، محمَّد قطب ص ٩٨.
(٤) التطور والثبات في حياة البشرية، محمَّد قطب ص ٣٤، وانظر: مذاهب فكرية معاصرة ص ١٠٠ وما بعدها.
(٥) انظر: المرجع السابق ص ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>