للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنجلز" أحد المؤسسين الكبار للماركسية حين شرْحِهِ لقوانين المادية الجدلية يستشهد بأمثلة من الكيمياء (١).

وهكذا نلاحظ بأن النظريات العلمية لم تعد تتحرك في إطارها العلمي، ولم تعد كالسابق تظهر باستحياء أو تلقى العداء، بل تجاوزت ذلك وبدأت تؤثر في فروع أخرى من فروع المعرفة (٢)، وتؤثر كثيرًا في المدارس والمذاهب الفكرية أو ربما تستغلها تلك المذاهب. ورغم أن لكل نظرية أثرها إلا أن نظرية داروين التطورية هي الأشهر في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر وجزء مما بعده، وقبل الحديث عنها نلمح إلى أن هناك نشاطًا بارزًا في نوع آخر من العلوم بدأ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ونهايته وسيكون أكثر شهرة في القرن الرابع عشر/ العشرين؛ لذا نؤجل الحديث عنه إلى هناك، وهذا النوع من العلوم هو ما يسمى بالعلوم الاجتماعية وأهمها علم الاجتماع الذي دعا إليه فيلسوف الوضعية "كومت" وقام على إنشائه تلميذه "إميل دوركايم" وغيره، وثانيها علم النفس وهو وإن كانت المحاولات فيه قديمة إلا أن علم النفس الحديث قد ارتبط أيما ارتباط بنشاط العالم النمساوي "فرويد" ونظرياته الجديدة، ولكن هذين العلمين لم يشتهرا إلا في القرن الرابع عشر/ العشرين فيكون الحديث عن أثر نظرياتهما في فقرة لاحقة، وأما الآن فسنقف مع نظرية التطور الدارونية.

[[٣] نظرية التطور الدارونية وأبعادها الفكرية والاجتماعية]

[أ- مصطلح التطور]

يُعد أحد أشهر المصطلحات ظهورًا واستخدامًا في الفكر المعاصر، ورغم أن جزءًا من معانيه معروفة منذ القدم، إلا أنه اكتسب مدلولات خاصة في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر وما بعده، ورغم شهرته إلا أنه كما يقول لالاند: "أكثر المعاني غموضًا وحتى أكثرها تناقضًا وتعارضًا" (٣). وقد كان ميدانه في الفلسفة إلا أنه تحول إلى مذهب علمي في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر وما بعده "يوم أخذ العلماء يعللون نشوء الأنواع الحية بقانون تنازع البقاء، وقانون الانتخاب


(١) انظر: رونالد السابق ص ٤٠٨.
(٢) انظر: المرجع السابق ص ٤٠٧ - ٤٠٨.
(٣) موسوعة لالاند الفلسفية ١/ ٣٧٩ تعريب خليل أحمد خليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>