للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان. وقد خلق العالم بقوانينه إياها، من أجل تحقيق هذه الغاية" (١).

ويختلط في هذا الموقف الحق بالباطل؛ فإن ديكارت وغيره يتصورون الرب سبحانه بحسب اجتهاداتهم العقلية، ويصفونه بما تُمليه عليهم نظراتهم الفلسفية، بما في ذلك علاقته سبحانه بمخلوقاته وتدبيره لأمورها، وهذا باب وإن كان العقل يقدر على بعض أموره إلا أنه لا يصل فيها إلى الحق الكامل. من هنا جاءت أهمية الوحي، ومن خلاله نعرف الرب سبحانه ونصفه سبحانه بما وصف به نفسه، ونثبت له ما أثبت لنفسه، ونثبت له في خلقه وتدبيره ما أثبته سبحانه لنفسه، ويكون الوحي للعقل كنور الشمس للعين. ولو كان العقل قادرًا باستقلال على الوصول إلى الحق الكامل في كل هذه الأبواب لوصل إليه أذكياء وعباقرة المفكرين واتحد قولهم على رأي واحد، إلا أن الواقع غير ذلك من كثرة الاختلاف والتباين، عندما يتّكِلون على العقل ويزهدون في الوحي.

وقد سبق بأن ما تشعر به الحواس من آلية حركة الكون، وما تلحظه العقول وتكشفه القرائح من قوانين يمكن بها تفسير هذا التوازن العجيب في حركة الكون، لا يعني بأن هذه القوانين هي المسيرة باستقلال.

وأما الثانية: فهي تأثير ديكارت على نيوتن، فقد كان لديكارت فضل كبير على تقدم الرياضيات، خصوصًا في ميداني الجبر والهندسة، واكتشافه الهندسة التحليلية. وقد أسهم ذلك في حلّ كثير من المسائل الفيزيائية التي كانت عسيرة الحل من قبل، وهذا مما استفاده نيوتن من ديكارت (٢)، فلنختم به الحديث عن الثورة العلمية.

[[٣] نيوتن وظهور أشهر ثاني نظرية في العلم الحديث]

لقد أخذت بالتحديد الذي يجعل "نيوتن" آخر شخصيات الثورة العلمية، ولا يشك أحد في ثقل "نيوتن" على العلم الحديث وأثره الكبير في وضع العلم في منصة الشرف وتقديمه على غيره، وأثره في ترسيخ قيمة العلم في المجتمع الغربي، وإقفال كثير من المشاكل العالقة، وتشكيل صورة خاصة به.


(١) المرجع السابق ص ١٦٤ - ١٦٥.
(٢) انظر: موسوعة الفلسفة، بدوي ١/ ٤٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>