على العلم وهم الذين رصَدَ هذا البحث مواقفهم وحلَّلها. ومن ينظر في الموضوعات والأمثلة -من باب الغيب- التي انحرف فيها هؤلاء تحت دعوى العلمية يجد لها ثلاث صور، وهي:
١ - دعوى عدم إمكانية إثباتها علميًا.
٢ - دعوى وجود رأي علمي آخر حول هذه الأمثلة دون شرط المعارضة.
٣ - دعوى معارضتها للعلم.
ويغلب على أصحاب القول الأول والثالث إعلان مواقف إلحادية، فيكذبون بالعقائد بحجة أن العلم لم يستطع إثباتها، أو لأن العلم له قول يعارضها معارضة تامة، فيقدمون العلم لما له من قبول بزعمهم عند كل العقلاء. أما الثاني فأصحابه يقرون بوجود آراء علمية أخرى في موضوعات قد تحدث عنها الدين، ولكن فيهم من يراه من باب الاختلاف في أسلوب الخطاب، فالدين يسلك الطريق الأدبي والعلم يسلك الطريق العلمي، فهما عند أهل هذا القول مجالان مختلفان، الدين له طريقته والعلم له طريقته، ويمكن قبولهما وتصاحبهما. ولكن حقيقة هذا القول هو التكذيب بحقائق الغيب الدينية؛ لأنه في النهاية يدّعي أن الخبر الديني ليس له حقيقة موضوعية، فهو من جهة يُكذّب بوجود حقائق يعبر عنها الخبر الديني من قضايا الغيب ولكنه يجد أن الأسلوب الديني -إذا أخذ بفهمهم السابق- له أهميته في حياة الناس؛ لأن البشر لا يعيشون فقط على الحقائق الحسية، بل هم في حاجة إلى مثل هذه الأساليب الدينية.
وقد اخترت خمسة أمثلة وقع فيها الانحراف التغريبي، منها ما يرجع للنوع الأول؛ أي: عدم دلالة العلم الحسي عليها، ومن ذلك مثلًا: المخلوقات الغيبية، مثل: الملائكة والجن أو موضوع غيبي مثل الوحي. ومنها ما يرجع للنوع الثاني؛ أي: وجود قول علمي بجانب القول الديني، وهو بارز في المخلوقات المحسوسة، مثل خلق الكون، أو خلق الإنسان. ومنها ما يرجع للنوع الثالث؛ أي: وجود معارضة للعلم، مثل المعجزات.
القسم الأول: موضوعات عمَدية يُدّعى عدم إمكانية إثباتها علميًا:
قد يكون الموضوع من الغيب المطلق، الذي لا يمكن معرفته بالحس،