للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: الموقف الإسلامي من العلوم التجريبية وأمثالها

الموقف الإسلامي من العلم موقف لا مثيل له؛ فالعلم والإسلام توأمان لا ينفصلان، لقد وضع الإسلام العلم في منصّةٍ عالية، فبوابة الإسلام هي العلم، وقد عقد البخاري - رحمه الله - بابًا مهمًا في صحيحه فقال: "باب العلم قبل القول والعمل"، قال ابن حجر - رحمه الله - في الفتح: "قال ابن المنير: أراد به أن العلم شرط في صحة القول والعمل، فلا يُعتبران إلا به، فهو متقدم عليهما لأنه مصحِّح للنية المصحِّحة للعمل، فنبه المصنف على ذلك حتى لا يسبق إلى الذهن من قولهم: "إن العلم لا ينفع إلا بالعمل" تهوين أمر العلم والتساهل في طلبه" (١)، وفي الحديث عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" (٢). ويكفي دلالة على مكانة العلم في الإسلام أن أول سورة نزلت كان فيها الحديث عن العلم ووسائله، وهي سورة العلق التي ابتدأت بـ "اقْرَأْ" وجاء فيها توجيه الإنسان إلى نعمة القلم ونعمة العلم التي أعطانا الله إياها، فقال -تعالى-: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)} [العلق: ١ - ٥]، قال القرطبي - رحمه الله -: "قوله -تعالى-: {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤)} ـ يعني الخط والكتابة؛ أي: علم الإنسان


(١) فتح الباري ١/ ١٦٠.
(٢) سنن ابن ماجه، برقم (٢٢٠) من المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، وصححه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجه) برقم (١٨٣)، وفي سلسلة الأحاديث الضعيفة برقم (٤١٦)، أما من ضعَّف سنده من العلماء فقد قال بصحة معناه، انظر مثلًا: مفتاح دار السعادة. .، لابن القيم ص ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>