الاقتصاد والسياسة والإعلام والسينما والمسرح، فإن مما يعنينا في هذه الفقرة: هل كان لهذا التغلغل اليهودي في الحياة الغربية أثر في الانحراف بالعلم عن مساره الطبيعي؛ لاسيّما ونحن نجد رموزًا علمية كبيرة مثل أينشتين وفرويد ودوركايم في آخرين أقل شهرة وإن كانوا ذا مكانة في مجال تخصصاتهم العلمية، هل كان لمثل هؤلاء أثر في الانحراف بالعلم كأثرهم في تطوره، وما نوعه؟ وما صورته؟ وما حجمه؟
لو كان يكفي الاعتبار بدورهم في مجالات الفكر والأدب والفن والإعلام والاقتصاد والسياسة لما أشكل علينا إثبات انحرافهم وتأثيرهم؛ لأن حجم الفساد والانحراف الذي برز منهم في تلك المجالات أوضح من أن يُشكك فيه، وهم وإن شاركوا منحرفي أوروبا من النصارى والملحدين، إلا أنهم يزيدون درجة.
ولكن في ميدان العلم قد يقال عنه بأنه من العسير عبث اليهود به، وحتى نرفع مثل هذا الوهم فسأختار نموذجًا علميًا يبين أثر يهودية العالم في توجيه علمه ونظرياته -فضلًا عن توجيه نظريات سابقة عليه- بما يخدم يهوديته الدينية أو القومية، وهذا النموذج سيكون أحد أشهر شخصيات القرن الرابع عشر/ العشرين في الغرب وهو عالم النفس اليهودي فرويد.
[نموذج للدور اليهودي في الانحراف بمسيرة العلم الحديث]
إذا كانت أوروبا الوثنية قد اعتنقت من الأديان ذات الأصل السماوي النصرانية بعد أن تحرفت على أيدي أتباعها، ثم دخلتها الديانة اليهودية المحرفة وانتشر اليهود بكثافة في كثير من بلدان أوروبا، فإن لكل أتباع دين طريقتهم في التعامل مع العلم الحديث، تمثلت أولًا مع النصارى إبّان الثورة العلمية من خلال المواجهة التاريخية بين الكنيسة وأنصار العلم الحديث مما جعل الذاكرة الغربية الحديثة تربط عادة التخلف ومعاداة العلم بالكنيسة، في وقت كان أتباع الديانة اليهودية أقلية غير فاعلة، ولكن في نهايات القرن الثالث عشر/ التاسع عشر تحولت هذه الأقلية إلى مجموعة فاعلة ولكنها لم تتصادم مع العلم، بل حاولت الانخراط فيه واستثماره على مستوى الجماعة اليهودية بما يخدم وجودهم ومصالحهم، لاسيّما في الطائفة العلمانية منهم، وهذا أحد الفوارق المهمة بين أتباع الديانتين في الغرب.