للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثاني أسباب وجود الانحراف المصاحب للتطور العلمي الحديث]

العلم في صورته -الرياضية والطبيعية والاجتماعية- ما هو إلا نبتة تتأثر بالمكان الذي زرعت فيه، وبحسب تربة ذلك المكان وسماده ومائه وأشعة شمسه ونقاء هوائه يكون حال تلك النبتة. ومعلوم بأن نبتة العلم الحديث قد غرست جذورها في أرض أوروبا، وترعرعت في أجواء الصراع الكبير بين الكنيسة والسلطة السياسية من جهة، وبين الفئات الجديدة المعارضة لطغيان الطرفين من جهة أخرى، وتأججت تلك المعركة بعد المعارضة الكبيرة من قِبل الكنيسة لحركة العلم الحديث، فخرجت تلك النبتة في أجواء مشحونة بين ما يسمونه دينًا وبين التوجهات نحو الإصلاح أو العلمنة، وخرجت الكنيسة خاسرة في تلك المعركة، ووجدت أطراف مُبغِضة للدين فرصتها في سدّ الفراغ الناجم عن سقوط الكنيسة، فأعلنت عن مشروعها ضمن ما اصطلح عليه فيما بعد بالعلمانية.

فالعلم في أوروبا لم يعش يومًا من الأيام في أجواء صالحة، فقد كان في العصور الوسطى يتحرك في ظل الطغيان الكنسي، وربما يشاركها أعمالها وتصورها، وهو بعد ذهاب السيطرة السياسية القديمة وسندها الكنسي، عاش في الجو العلماني الذي جاء معتمدًا على إحياء التراث الإغريقي اليوناني الروماني

<<  <  ج: ص:  >  >>