للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدرسي في الغرب؛ لأنه قد فصل بين العلم والدين، بين العلم والإيمان (١)، وعزز في ظل تنامي المذاهب المادية الاستقلال التام للطبيعة بأمورها والاكتفاء في أحسن أحوالهم بما يطلقون عليه: "التأليه السببي" القائل بأن الله أوجد هذا العلم بقوانينه التي يتطور ويتحرك في ظلها ثم تركه، وبهذا يكون الكتاب المدرسي عندهم متوافقًا مع المبادئ والتصورات والرؤى السائدة عندهم، وإن كان أهل الدين منهم يعارضون ذلك ويحاولون في المدارس التابعة للكنيسة تخفيف تلك الرؤى المادية الحسية الوضعية.

عندما وضع الكتاب المدرسي في بلاد المسلمين وقع في أسر تقليد الكتاب المدرسي هناك؛ لأنه في الغالب ما هو إلا ترجمة عن ذلك الكتاب، ويكفي دليلًا على ذلك استعراض أي كتاب مدرسي في عدد من مناهج التعليم في البلاد الإسلامية لتجد ذلك الاختفاء -أو الظهور على استحياء- لكل ما يدل على تدبير الله سبحانه لهذا الكون وكل ما فيه، واختفاء بيان غاية مهمة من معرفة أسرار هذا الكون وهي زيادة المعرفة بالله سبحانه وما يلزم من ذلك من تحقيق التوحيد والعبادة له سبحانه، واستثمار هذه العلوم فيما يرضيه ويعود بالنفع على الأمة (٢)، ولكن لا يعني أن المدرسة لم تحقق النفع في العلوم العصرية فما يقول ذلك باحث موضوعي، نعم لم تنجح نجاح مثيلاتها في الغرب في باب العلوم العصرية في تحقيق استقلال علمي والارتقاء بالعلم إلى باب المنافسة، ولكن المقصود أن المدرسة العصرية منذ نشأتها لم تمنع مشكلة الانحراف بالعلم


(١) انظر: غزو في الصميم، عبد الرحمن الميداني ص ١٩٦ وما بعدها.
(٢) انظر: حاضر العالم الإسلامي. . . .، د. جميل المصري ١/ ١٩٦، وانظر: اليقظة الإسلامية في مواجهة التغريب، أنور الجندي، مبحث تعريب التعليم والجامعة والتربية ص ١٨٩ وما بعدها، وانظر: غزو في الصميم بكامله، عبد الرحمن الميداني، وانظر: واقعنا المعاصر، محمد قطب، حول مناهج التعليم زمن الاحتلال ص ٢١٧ - ٢٣٤، وانظر: الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، محمد حسين، ولاسيّما فصل (قديم وجديد) ٢/ ١٩٠ وما بعدها، وانظر له أيضًا: حصوننا مهددة من داخلها، فصل (في مناهج اللغة والدين) ص ١٦١ وما بعدها، وانظر: الغزو الفكري في المناهج الدراسية (أولًا) في العقيدة. . . .، علي لبن، وانظر: الجهد المميز من جهة رصدها في موسوعة أنور الجندي ومن المعلوم أنه قد اختلف الحال في السنين الأخيرة بعد بروز الصحوة ودورها المهم في تصحيح المسار التعليمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>