للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقليده أو التأثر به، وربما لهذا السبب نجد التأكيد الإسلامي في النهي عن التشبه بنماذج اجتماعية ذات مكونات تخالف الشرع (١)، وبهذا تحافظ الأمة الإسلامية على تميزها وشخصيتها دون أن تذوب في مجتمعات أخرى، ومن هنا يأتي النهي عن التشبه بالمخالفين للمسلمين لما لهذا التشبه من أثر على المجتمع الإِسلامي. وقد وقع تفريط من بعض المسلمين في هذا الأمر في العصر الحديث، فأسرتهم نماذج يخالطونها أو سافروا إليها وبدؤوا في نشرها داخل المحيط الإسلامي، ثم توسع الأمر عندما أصبح الأمر يتعلق بنشر ما يعارض الشرع، وفي هذه الحالة بالذات، تم التوجه إلى ما هو أبعد من نشر الظواهر وذلك بالبحث عن تأصيل ثقافي لها، وهنا تم الانتقال إلى مجال الفكر للبحث عن مستندات تسوغ مثل هذه الدعوات الجديدة، فمنهم من اكتفى بالمرجعية الإسلامية ولكن بعد تأويلات متعسفة أو اجتهادات غير صحيحة من أجل تشريع الواقع الجديد، وهناك من ذهب للغرب فغرف من تياراته الفكرية فيما يخص المرأة، وقد وجدت المجموعة الثانية شيئًا كثيرًا مما قيل حول المرأة والأسرة والعلاقة بين الجنسين والمجتمع وغيرها، يتنازع ذلك تيارات كثيرة ذات رؤى مختلفة بل متناقضة وقع هؤلاء في أسرها وتورطوا في تناقضاتها، فنقل كل طرف من النقلة ما وقع عليه أو ما قيد إليه، وعاد به للبيئة الإسلامية، كل ينشر من وجهة النظر التي تأثر بها، لينتقل ذاك الخوض إلى العالم الإسلامي وبصورة أشدّ؛ ذلك لأن الغرب قد أنهى علاقته بالدين مع نجاح العلمنة وبقي الاختلاف دائرًا عندهم بين التيارات العلمانية، أما في العالم الإِسلامي فالخلاف أشدّ؛ لأنه اختلاف يدور من جهة بين التيارات العلمانية المقلدة للغرب فيما بينها، ومن جهة أخرى بين هذه التيارات المتعلمنة وبين الفكرالإسلامي.

بدأ النموذج المغاير حول شخصية المرأة المسلمة يظهر في العالم الإسلامي بعد الحضور المكثف للأوروبيين في البلاد الإسلامية، ولاسيّما بعد حملة "نابليون" وما أظهره من إفساد لحال المرأة، ثم دخول نظام الامتيازات والحماية، ثم الاستعمار الذي سمح بوجود مكثف للأوروبيين والمرأة المتعلمنة


(١) انظر: التشبه المنهي عنه في الفقه الإسلامي، جميل اللويحق، ولاسيّما ص ١٦٥ وما بعدها، وانظر: حجاب المرأة المسلمة، الشيخ محمد الألباني ص ٧٨ - ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>