للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للملكية الخاصة التي هي مصدر الثراء والسيطرة والاستعباد والشر (١).

وبعد استعراضه لآيات تحريم الربا قال:"نلاحظ هنا أن الآيات لا تأمرنا بترك الربا فحسب، وإنما تأمرنا بالقضاء عليه، باعتباره مصدرًا من مصادر الظلم الاجتماعي. ولن يتحقق ذلك إلا في مجتمع لا طبقي. وقيام النظام الإسلامي الجماعي كبديل وهذه هي الحرب "الثورة" الثي أذن الله لنا بها لإلغاء الربا، وكل أشكال السحت لكونه استغلالًا لا طبقيًا. والجماعة هي الموكولة بالحرب "الثورة"، وذلك عن طريق الصراع والدفع الطبقي. . . . ولذلك كانت رسالات السماء كلها ذات طابع اشتراكي. وجميع الرسل وأتباعهم وحوارييهم كانوا يدعون إلى الجماعية والاشتراكية. . . ." (٢).

إن التصور الضيق لأصل الربا وربطه بالجدلية المادية وعلاقات الإنتاج المادي جلب الضيق أيضًا للعلاج المقترح، وليس العلاج بالتلاعب بالوحي وعسف نصوصه لتتوافق مع الرؤى الماركسية، وإنما بالعودة إليه كما هو وكما جاء به رسول الهدى، وكما بينه لأمته وأخذه سلف الأمة، لقد نجح هؤلاء في كشف مفاسد الربا ولكنهم تكلفوا في تحديد أصل نشأته تحت دعوى العلمية، كما أنهم شطحوا بعيدًا في طريق العلاج المطروح تحت دعوى العلمية أيضًا، والنماذج الحية شاهدة على فساد الاتجاهين -المتحمس للربا تحت مسمى الفائدة، والمحارب له تحت مسمى الاستغلال الطبقي- فمع الغرب الرأسمالي نجد ضحايا الفوائد الربوية بينما نجد في البلاد الشيوعية الانهيار الاقتصادي الذي أعقب التطبيقات الاشتراكية، فتحول الاستغلال الطبقي من فئة الرأسماليين إلى طبقة الحزب الشيوعي الحاكم (٣)، فبقي الشر كما هو على الإنسان الذي ابتعد عن دين الله. وما أجمل ما قاله الدكتور "عيسى عبده" في مثل هؤلاء: "ولا أريد أن أقسو في النقد، وإنما أحذر من التورط في الظن بأن الأنظمة التي وضعها الإنسان، قد فاقت نظامًا وضعه الرحمن، وأحذر من الظن بأن كتاب الله


(١) انظر: المرجع السابق ص ٩٨ ص ١١٠ وما بعدها.
(٢) المرجع السابق ص ١٠٠.
(٣) انظر حول المذهب الاقتصادي الماركسي مع نقده في مذاهب فكرية معاصرة، محمد قطب ص ٤١٠ - ٤٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>