للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضلًا عن العربية على: الرياضيات والعلوم والتاريخ والجغرافيا، واللغات: الفرنسية والإيطالية والتركية، أما مدة الدراسة فيها فكانت سبع سنوات، يرسل بعدها المتفوقون من الطلبة إلى مدرسة "سان لويس" بباريس لاستكمال تخصصهم" (١)، وكانت هيئة التدريس فيها "مؤلفة من نخبة من الأساتذة الأوروبيين" (٢).

اطلع أهل تونس على العلوم العصرية من خلال هاتين المدرستين: "المدرسة الحربية"، و"الصادقية"، مع منافذ أخرى، ولكن السيطرة في هذه المدارس كانت للأوروبيين، ورغم أهمية التجربة إلا أن المتوقع في مثل هذه الحال هو عرض العلوم بالروح التي تعرض عليها في أوروبا ولاسيّما أوروبا ما بعد عصر التنوير وما بعد الثورة الفرنسية.

ولا ننسى بأن تونس تحتوي على الجامع الشهير والمركز العلمي الكبير "جامع الزيتونة" (٣) الذي كان يدرس العلوم الإِسلامية على طريقة كثير من المعاهد الإِسلامية آنذاك ولاسيّما الجامع الأزهر في مصر، وإن كان هذا الجامع يعاني مما يعاني منه التعليم الإِسلامي في عصوره المتأخرة من غلبة العلوم الكلامية والتعصبات المذهبية التي تعطل نفعه وتضعف ثمرته.

ونجد في هذه التجربة كما في التجربة المصرية والعثمانية: أن نقطة الانطلاق في طلب العلوم العصرية ابتدأت من خارج المركز العلمي المعهود "جامع الزيتونة" مكونة بذلك نقطة علمية منافسة للعلم التقليدي، وهي نقطة ستكبر إلى درجة قضائها على المركز العلمي الإِسلامي، كما أن هذه النقطة الجديدة كانت من البداية تحت إدارة غربية مباشرة، وكانت أيضًا مهتمة بالجيش مع أن اطلاع الجيش على العلوم العصرية لا يجعل من ذلك فرصة لتطور هذه العلوم واستنباتها النبات الصحيح.


(١) الشيخ عبد العزيز الثعالبي ودوره في الإصلاح الإِسلامي ص ٢٣.
(٢) انظر: خير الدين التونسي وكتابه أقوم المسالك. . ص ٢١، و"الصادقية" نسبة إلى "باي تونس" آنذاك "محمَّد الصادق".
(٣) انظر: جامع الزيتونة ومدارس العلم في العهدين الحفصي والتركي من سنة (٦٠٣ هـ - ١٢٠٦ م) إلى سنة (١١١٧ هـ -١٧٠٥ م)، الظاهر المعموري، ولاسيّما الباب الثاني، الفصل الأول: جامع الزيتونة ص ٤٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>