للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم يواصل تقدمه (١)، كما "أن هذا الإيمان شبه الديني بالتقدم العلمي لم يدم أكثر من قرنين. فقد تلقى أول ضربة موجعة له مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، وتلقى الضربة الثانية مع الحرب العالمية الثانية"، حيث عادت أمة العلم تتقاتل فيما بينها بوحشية مدهشة (٢).

ربما يكون من مناسب الاستفادة من تواضع بعض العلماء المشهورين في هذا العصر رغم قصور تصورهم عن الدين، فهذا أحد أبرزهم في الغرب "أينشتين" يقول: "إن العلم حادّ البصر حين يكون متعلقًا بالأدوات والمناهج، ويكون فاقد البصر حين يتعلق الأمر بالقيم والأهداف"، ولم يكن بحسب "د. عفيف" "في عداد الذين يعتقدون أن التقدم العلمي والثقافي يفضي بالضرورة إلى السعادة أو حتى إلى الحضارة: "إن تحسين شروط حياة الإنسان لا تعتمد على المعرفة العلمية بالضرورة، وإنما على تحقيق المثل الأخلاقية والتقاليد الإنسانية"" (٣)، ومع أنه يؤكد وجود إنجازات من داخل العلم، ومع ذلك فهو يقول: "لكن الأمر الذي لا يقل وضوحًا هو أن المعرفة بما هو موجود لا تقود تلقائيًا إلى معرفة ما يجب أن يوجد. فقد يحيط الإنسان بمعرفة الوجود بالكامل، ويبقى رغم ذلك عاجزًا عن الاستدلال على الهدف الذي يجب أن تتجه نحوه مساعينا وتطلعاتنا" (٤)، وعن العلاقة بين الدين والعلم يقول: "إن علمًا بدون دين هو علمٌ أعرج، ودين بدون علم هو دين أعمى" (٥).

فهذه الشهادة من أحد أبرز علماء العصر في العلوم الحديثة يبطل مقوله كفاية العلم، وقد يكون تصوره الديني معوجًا وفقيرًا كغالب من عاش في تلك الحضارة الفقيرة في باب الدين، إلا أنه من خلال معرفته الجيدة بالعلم يبطل مقولة شمولية العلم وقدرته على إجابة كل الأسئلة وتغطيته الحاجات الكبرى للإنسانية.

وقد جاءت المواجهات للعلموية من داخل الفكر المعاصر، وينتقدونها "بأن


(١) انظر: المرجع السابق ص ١٨.
(٢) انظر: مدخل إلى التنوير الأوروبي، هاشم صالح ص ٢٤١.
(٣) رؤية آينشتين لليهودية ودولة اليهود، د. عفيف فراج ص ٢١ - ٢٢.
(٤) المرجع السابق ص ٤٣.
(٥) المرجع السابق ص ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>