للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوظيفة. . . . كما أنه محكوم بضعفه وميله وشهوته ورغبته فوق ما هو محكوم بقصوره وجهله. . . . فالإنسان "وهذه ظروفه، حينما يفكر في إنشاء تصور اعتقادي من ذات نفسه، أو في إنشاء منهج للحياة الواقعية من ذات نفسه كذلك، يجيء تفكيره محكومًا بهذه السمة التي تحكم كينونته كلها. . . ." (١)، إلى أن قال: "فأما حين يتولى الله -سبحانه- ذلك كله .. فإن التصور الاعتقادي، وكذلك المنهج الحيوي المنبثق منه، يجيئان بريئين من كل ما يعتور الصنعة البشرية من القصور والنقص والضعف والتفاوت .. وهكذا كان "الشمول" خاصية من خواص "التصور الإِسلامي"" (٢)، ثم ذكر صورة الشمول الحقيقية للإسلام التي لا يحققها العلم ولا غيره كما يدعيها المنحرفون عن الحق، ومن ذلك: رد هذا الوجود كله إلى المدبر الخالق سبحانه، وذلك يعطينا تفسيرًا مفهومًا لوجود الكون ابتداء، ثم لكل حركة فيه بعد ذلك، وكل انبثاقة، ولاسيّما انبثاقة ظاهرة الحياة.

ثم إن التصور الإِسلامي يوضح حقيقة الألوهية بصورتها النقية، كيف لا وهي من الإله ذاته سبحانه، وما يرتبط بها من عبودية، فتعرفنا بربنا سبحانه تعريفًا متكاملًا وشاملًا، ولذلك آثاره. ثم تعرفنا بطبيعة الكون الذي نعيش فيه وخصائصه وارتباطه بخالقه، ثم تعرج على الحياة والأحياء ورابطة العبودية بينهم وبين ربهم، ثم الإنسان من هو؟ وما دورهُ؟ كما أن هذا التصور الإِسلامي يوجه خطابه للكينونة الإنسانية بكل جوانبها مع ردها إلى مصدر واحد تتلقى عنه، فيكون الإِسلام منهجًا متكاملًا للعبادة والمعاملة (٣). ولا شك أن هذه المساحة كلها لا يستطيع العلم أن يأتي بشيء ذي بال حولها، وإن شارك فلا تعني مشاركته صحة كل مسألة شارك فيها فضلًا عن دعوى كفايته.

ويغلب على الملحدين دعوى المشاركة، فهم يعترفون بأن العلم يشارك الدين في موضوعاته، وأنه قد لا يريح الناس كما يفعل الدين، كما أنه قد لا يكون صحيحًا في كل مسألة. ولكنهم بسبب إلحادهم وإنكارهم للدين يجعلون مقولات الدين حول تلك الأصول هي نظريات أبدعها البشر. تكون في تخلفها


(١) انظر: خصائص التصور الإِسلامي ومقوماته، سيد قطب ص ٩١.
(٢) المرجع السابق ص ٩٢.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ٩٢ - ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>