لأنها تؤكد على وجود كائنات لا مادية، وعلى هذا فإن الإنسان فيه كائنات لا مادية تؤثر فيه مثل النفس والروح والقيم. ومنهم من رأى فيها ما يثبت عقيدة البعث، وبقاء عمل الإنسان، وعودة النفس إلى جسدها يوم القيامة من أجل الحساب. وأنها تؤدي إلى دحض المذاهب المادية والإلحادية التي طالما عانت منها الأديان، إلى غير ذلك.
وفي مقابل التيار المتحمس لاستثمارها نجد تيارًا آخر رفضها لعدّة أسباب منها مثلًا ضررها الأخلاقي لجعلها المبادئ الأخلاقية من الأمور النسبية (١).
ومن المعلوم بأن النظرية النسبية لم تتدخل في هذه الأمور الدينية وإنما كان هذا من التأويلات التي بناها هؤلاء حول النظرية، وهم في ذلك كغيرهم من المستثمرين لهذه النظرية لاسيّما وهي قد أعانتهم في زلزلة عدوهم اللدود الاتجاه المادي الذي كان يبني إلحاده على نظريات علمية سابقة، ويكون من حقهم كغيرهم استثمار النظرية فيما تؤيدهم فيه. ولكن يبقى جميع هؤلاء في خطرة لأنهم لا يتعاملون مع حقيقة علمية قطعية واضحة لا اختلاف حولها، وإنما هم يتعاملون مع منظومة مجملة يمكن لكل تيار أن يجد فيها ما يناسبه، وإن كانت بعض النظريات أقرب للاستثمار من تيار على حساب غيره، ولكن كونها الأقرب لا يعني عدم وجود ثغرات يطعن بها المخالف، أو فيها مجالات تسمح للمخالف ولو بعد حين باستثمارها أيضًا لصالحه، وهو أمر بارز في أي فكرة مجملة تحوي في طياتها احتمالات شتى.
٤ - الموقف السياسي:
فمن الطريف في هذا الباب بأن أشهر ثلاثة أنظمة علمانية سياسية -في النصف الأول من القرن الرابع عشر/ العشرين الميلادي- رفضت هذه النظرية، وهي أنظمة عنصرية أو قومية أو مادية ذات ممارسة استبدادية بارزة، وهي: النظام الشيوعي، والنازي، والفاشي. ورغم أن أكثرها يزعم الحرص على العلم إلا أنهم رفضوا هذه النظرية. والعجب يشتد مع النظام الشيوعي؛ لأنه نظام يزعم العلمية، ولكن العجب يخف إذا علمنا بأن سبب الرفض مرجعه عقائدي بالدرجة