للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا مما يفسّر سرّ انزعاج التيار المادي في صورته الماركسية مثلًا من هذه النظرية.

أما رأي صاحب النظرية عن علاقة نظريته بالدين فهو يرى أنها "مسألة علمية محضة، وليس لها أدنى علاقة بالدين"، وقد كان هذا جوابه لرئيس الكنيسة الإنجليكانية الذي حرص على لقاء "أينشتين" بعد سماعه أقوالًا متناقضة عن علاقة نظريته بالدين (١).

ويعد هذا الموقف صدمة أخرى للاتجاهات الوضعية والمادية التي غطت على غيرها في القرن (١٣ هـ - ١٩ م)، فهم كانوا يرون بأن العلم يلزم منه أن يكون ضدّ الدين وأنه البديل عنه، أما هنا فنجد موقفًا آخر يجعل النظرية مسألة علمية لا علاقة لها بالدين، وما كان هذا الموقف ليرضي الاتجاه الوضعي والمادي والأطراف الأخرى الملحدة.

وينبغي التذكير هنا بأن موقفه المديني إنما ننظر إليه في دائرة الفكر الغربي، وبحسب الأجواء السائدة هناك لا بمنظارنا نحن؛ لأن رؤيته الدينية رؤية مختلفة عما يعتقده أهل الكتاب أو أهل الإِسلام ممن يقرون بالنبوات، ولكن هذه الرؤية الشبيهة برؤية أهل وحدة الوجود كانت في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر غير مقبولة في التيارات البارزة؛ لأنها مفتاح للإقرار بوجود الله، وقد كان هذا المفتاح فرصة للمتدينين الغربيين باستثماره في إثبات أصولهم الدينية وفي مقدمتها الإقرار بوجود الرب سبحانه والإقرار بعالم الغيب.

ننتقل الآن إلى موقف الكنيسة والمتدينين من النظرية بعد أن عرفنا موقف صاحب النظرية من الدين، فإذا كانت النظرية النسبية ذات مستويات مختلفة فمنها ما قد يتوافق مع قضايا دينية ومنها ما قد يتعارض، ولذا كان الانقسام بينهم حول النظرية كغيرهم:

فمنهم من رأى في معادلة "أينشتين" حول علاقة المادة بالطاقة نصرًا للدين وحجة جديدة يساند الله بها رسالاته. فان تحول المادة إلى طاقة، أو العكس، وتأثير الطاقة غير المادية وغير المنظورة في الأشياء المادية كلها مما يؤيد الدين؛


(١) انظر: المرجع السابق ص ٤٦، وانظر: فلسفة العلم في فيزياء أينشتين. . . .، د. عادل عوض ص ٢٦٦ - ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>