للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه (١)، ولكن التيارات التغريبية لا تتحمس لمثل هذا العلاج، وعندما تبحث عن العلاج في العلم الحديث تبالغ هذه التيارات في الاحتفاء بالجوانب اللادينية منه والإلحادية لاسيّما المثال الذي يُذكر هنا:

لقد كوّن "غالي شكري" الماركسي خليطًا مميزًا من العلاج النفسي لظاهرة القلق أثناء دراسته لفكر أستاذه "سلامة موسى" يجمع بين التماسه الثناء لمواقف أستاذه سلامة موسى الفرويدية - الدارونية وبين مواقفه الماركسية التي يقدمها كبديل أفضل لمعالجة القلق، فأستاذه يميل لفرويد مع خليط من الدارونية الاجتماعية بينما يذهب "غالي" إلى الماركسية، وبهذا يَعرض هنا رأيين للعلاج النفسي التغريبي بشكل مختصر كما عرضها غالي شكري.

يستعرض "غالي شكري" الماركسي علاج القلق من خلال دراسته لسلامة موسى الذي تقلب بين علماء النفس الغربيين، مثل "فرويد" و"بافلوف" و"واطسن"، حيث كان سلامة موسى أول حياته أقرب لفرويد بخلاف تلميذه "غالي" حيث كان لماركسيته متحمسًا لبافلوف (٢)، وقد "أثبت بافلوف أن "ما يحدد أساسًا شعور الإنسان ليس جهازه العضوي وظروفه البيولوجية، كما يعتقد الماديون السطحيون ورجال التحليل النفسي، بل ما يحدده على عكس ذلك المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان والمعرفة التي يحصل عليها منه، فالظروف الاجتماعية للحياة هي المنظم الحقيقي للحياة العضوية والذهنية". وبذلك أكد بافلوف ما تقوله الماركسية بأنه ليس شعور الناس هو الذي يحدد وجودهم، بل إن وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد شعورهم" (٣).

وقد قدم "سلامة موسى" كتابه: "محاولات سيكلوجية" كمحاولة علمية نفسية لدراسة المجتمع وعوامل تغيره، ويقابل في أثناء الدراسة مجتمعًا بعواطف حائرة، كالقلق والخوف، والفراغ، واليأس. ومع معالجات سلامة الفرويدية الدارونية، فإن غالي يحولها للماركسية فيقول: "وعدم الاستقرار النفسي، هو


(١) انظر: العلاج النفسي لدى ابن القيم، أ. أحمد المطيلي ص ٧ وما بعدها من أبحاث ندوة علم النفس، المعهد العالمي للفكر الإِسلامي.
(٢) انظر: سلامة موسى وأزمة الضمير العربي، د. غالي شكري ص ١٧٨.
(٣) المرجع السابق ص ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>