للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاجتماع ليحقق درجة عالية من الموضوعية العلمية" (١)، وفي هذا يقول "د. عبد العزيز عزت": إننا لسنا الآن في العهد الديني ولا في العهد الميتافيزيقي، وإنما في العهد الوضعي؛ أي: العلم والتجربة، وهو العهد الذي عاش فيه دوركايم وأراد بسببه أن يصبح علم الاجتماع بنزعة واقعية" (٢). ومع بدايات السبعينيات ظهر اتجاه معارض للوظيفية "يركز على نموذج الصراع وتبني النظرية الماركسية، وبذلك سيعكس التراث الاجتماعي في بلادنا ذلك الصراع الآيدلوجي الذي دار بين الاتجاهين، وأصبح علم الاجتماع موزعًا بين اتجاهين: الاتجاه الوظيفي والاتجاه الماركسي" (٣)، وظهرت الدعوة إلى قيام "مدرسة ماركسية" مع الترجمات لكتب ماركسية في حقل علم الاجتماع تريد أن تنافس "الوظيفية" السائدة إلى نهاية الستينات.

ولما كانت الأنماط الثلاثة السابقة: "التطويرية - الوظيفية - الماركسية" موغلة في التقليد، لدرجة اهتمامها بنفس المسائل التي انشغل بها علم الاجتماع الغربي بما يلائم بيئته، فيُدرس الانتحار لأن "دوركايم" اهتم به، مع أنه وإن كان ظاهرة في المجتمع الصناعي فليس ظاهرة في مجتمعاتنا، ويدرس الصراع الطبقي لأن "الماركسية" اهتمت به، مع أنه لا يوجد ما يناسب تطبيقاته في مجتمعاتنا، عندها ظهر البحث عن بديل. ومع التحولات التي شهدها المجتمع العربي بعد انحلال الاستعمار؛ ظهرت الدعوات القومية، عندها برز البديل القومي في الدعوة إلى علم اجتماع عربي (٤)، ولكن مع غياب إطار لهذا العلم وبسبب كون الكثير في تلك المرحلة ممن تأثر بالفكر الماركسي؛ فقد جُعل هذا الإطار أو الرؤية أو العقيدة الموجهة هي الماركسية عند بعضهم (٥)، وتأخر البديل الحقيقي حتى جاء ميلاد مشروع التأصيل الإِسلامي للعلوم أو تقريبها من مجال التداول الإِسلامي (٦).


(١) المرجع السابق ص ١٨١.
(٢) عن المرجع السابق ص ١٨٣.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ١٨٣ - ١٨٤.
(٤) انظر: نحو علم اجتماع عربي: علم الاجتماع والمشكلات العربية الراهنة، مجموعة من الباحثين.
(٥) انظر: منهج البحث الاجتماعي .. ، أمزيان ص ٢٢٢.
(٦) من المراجع المهمة: التأصيل الإِسلامي للعلوم الاجتماعية .. ، د. إبراهيم رجب، ومنهج البحث الاجتماعي .. ، محمَّد أمزيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>