للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نجح في شق مجرى سار فيه من بعده، وهناك نشاطات أخرى حول هذا المجرى نُلمح لبعضها (١)، ومنها: لقد أدرك الباحثون أهمية التجريب والرياضيات في تطور العلم، فقاموا بوضع مناهج تساعد في ضبط عمليات التجريب، ومن ثمّ تحويلها إلى صيغ رياضية، وأدركوا أيضًا أهمية الأجهزة وقد رأينا دور المقرب "التلسكوب" في دعم نظرية كوبرنيكوس، ودور المكبر في اكتشاف كائنات صغيرة حولنا كنا قرونًا لا ندري عنها شيئًا، وذلك بعد أن اكتشف "روبرت هوك" بمجهره عالم الخلايا الصغير في أنسجة الحيوانات والنباتات لنصل إلى أحد أهم مكونات الكائن الحي، وسيعقبه اكتشاف أصغر مكون للجسم المادي وهو الذرة وما فيها من جسيمات. وهكذا أمكن بهذه الأجهزة رُؤية البعيد والصغير، فتعرفنا على عوالم جديدة مدهشة.

وتطور في هذه الفترة علم وظائف الأعضاء مع "هارفي" وشرح بمعادلات دقيقة الدورة الدموية، وإن كان ابن النفيس قد سبقه إلى ذلك الاكتشاف بسنين، وفي هذه الفترة أيضًا تحولت الخيمياء السحرية إلى كيمياء علمية مع "بويل" وغيره.

وتذكر المراجع بأن العلم المادي الحديث مدين بالكثير لجمعيتين علميتين مشهورتين ظهرتا مع نجاح الثورة العلمية، وجمعتا أهم المشتغلين بالعلوم الحديثة، وكان من أهم أهدافهما تطوير العلم لا تدريسه، فالأولى تأسست عام (١٦٦٠ م) الجمعية الملكية في لندن، والثانية أكاديمية العلوم في باريس عام (١٦٦٦ م) وعلى منوالهما فُتحت أكاديميات علمية في بقية أوروبا.

تدخل الأحداث السابقة في جانب التطور العلمي الذي لا يجادل أحد في أهميته لتقدم العلوم، وهو أمر يمكن حدوثه في أي مجتمع أو حضارة، ولكن هذا التطور الإيجابي حدث له ما يحرف مساره ويفسد ثماره، وفي هذه الفقرة أتناول بعض تلك الأحداث مرجئًا تحليلها للفصل القادم بإذن الله.

وبما أن ما يعنيني هو انحراف المسار في العلاقة بالدين وما يرتبط به؛ لذا فسأقتصر في ذكر الأحداث على ما يخدم هدف البحث، وأول ما نجده: هو نتائج ما حدث من صراع سبق ذكره مع مولد أول نظرية حديثة في علم الفلك ثم


(١) انظر: هذه التطورات في: الموسوعة العربية العالمية، ١٦/ ٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>